في جلسة بين ثلاثة شبان سعوديين عام 2016 غايتها الخروج بفكرة تجارية مختلفة، وتقديم منتج مميز، قرروا إطلاق بقالة أون لاين، تخدم المواطن والمقيم على حد سواء، بتوصيل الطلبات خلال 15 دقيقة فقط، وتستهدف فئة الشباب، ثم تحولت بعد جهد وتطوير ومتابعة، وقبلها توفيق من الله عز وجل، إلى واحدة من أكبر تطبيقات توصيل المنتجات، ولديها قاعدة واسعة من العملاء والمنافذ، وتعرف بتطبيق (نعناع السعودي) الذي بدأ بفكرة يسيرة تحولت لمشروع قيمته كبيرة جدًا.

قصة أخرى (وأنا أسرد هنا لتحفيز الشباب لكي يعلموا أن باب الفرص واسع ومتجدد وغير محدود، وأنهم يستطيعون العمل بأقل التكاليف والمهارات)، القصة لتطبيق توصيل الطلبات من المطاعم الذي بدأ عام 2015 بأربعة شبان طموحين، حيث وصل عدد طلبات التوصيل إلى أكثر من 10 ملايين طلب سنويًا، وطرحت في سوق الأسهم السعودي وتجاوزت قيمتها عدة مليارات من الريالات التي هي جاهز السعودية.

ولو استمررنا في السرد الجميل هذا لن ننتهي، فلدينا أمثلة متعددة وتجارب مختلفة، فقديمًا مثل «محل صرافة صالح الراجحي وإخوانه» -رحمه الله- والذي تحول إلى مصرف عملاق هو من أكبر بنوك الشرق الأوسط، ومجموعة الزامل التي بدأت مؤسسة أنشأها عبدالله الحمد الزامل - رحمه الله - قبل قرن من الزمان، وأصبحت عملاقا صناعيا تجاريا، وحديثا (مرني ودجاج البيك وكودو) وغيرهم الكثير. القائمة طويلة ومستمرة ونامية بقوة - بإذن الله - خلال المرحلة القادمة التي تنبئ عن طفرة يعيشها الاقتصاد السعودي، والإنسان الذكي الجريء هو من يستفيد من هذه الطفرة.

وتزدحم القائمة بالكثير من القصص العالمية، ولعلي أذكر تجربة أو تجربتين فقط هنا. فهذا شاب ياباني في منتصف الأربعينات من القرن الماضي اسمه (سوشيروا) اتجه لطوكيو بحثًا عن عمل، فعمل في ورشة تصليح سيارات اكتسب منها الخبرة في تصليح المحركات، ما جعله ينشئ ورشته الخاصة لإصلاح وتطوير محركات السيارات، وبعد جهد شاق اقتنعت شركة تويوتا بالتعاقد معه لتوريد هذه المحركات، ولكن الحرب العالمية الثانية عام 1945 قضت على الصناعة ودمرت اليابان بشكل شبه تام. ولأن سوشيروا يراقب ويقرأ التغير في المجتمع واتجاهاته تجاريًا وصناعيًا واجتماعيًا، فقد صنع محركًا صغيرًا،غير مكلف وموفر للطاقة، لاستخدامه في الدراجات النارية؛ حتى انتشر وازدهر، ومن هنا بدأت شركة هوندا اليابانية التي تعد من أكبر الشركات المصنعة للسيارات في العالم.

هناك أمثلة كثيرة من التجارب في العالم الغربي، بدأت متناهية الصغر أو صغيرة ثم كبرت وأصبحت تقود العالم، مثل شركة أبل التي بدأت من كراج سيارات، وأمازون التي بدأت كموقع لبيع الكتب، وشركة فيسبوك التي بدأت من مقهى بالجامعة، أو شركة قوقل التي بدأت من اجتماع بين أصحاب، وكذلك أوبر الذي لمعت الفكرة برأس مؤسسها بسبب عدم وجود سيارات أجرة في لندن وهو ذاهب إلى اجتماع.

للحديث بقية......