يرى نفسه سيد «الصادقين»، هو حبيس «الجحور»، ويصنف ذاته «شفافاً» لأقصى حد. يتصور أنه «حمامة سلام»، هو الذي «لا يملك» أي شيء، وبالوهم، يعتقد أن لديه القدرة حتى بمنح من «لا يستحق»، كل شيء.

حسن نصر الله زعيم ميليشيا حزب الله اللبناني، أوقع نفسه في شر أعماله، حين استجدى دول الخليج تقديم العون للبنان، يقول «شو بينقص دول الخليج لو منحت مية ميتين مليار تلات مية مليار. يحسبوا حالون عم يلعبوا فوتبول. وتستنهض دولة عربية على حافة الانهيار».

يبدو أن الرجل يعيش حالةً من الغياب الذهني والعقلي، والابتعاد عن لبنان، نظير سيره في فلك المشروع الإيراني، وأجندته السياسة، وهذا يتأكد من اعتباره أن لبنان لا يزال يحمل صفة الدولة، وأنه لم ينهر بعد، وهو الذي – أي لبنان – لا يزال عاجزاً عن انتخاب رئيس، يمثل رأساً للدولة، ويمكنه تطبيق الدستور على الجميع دون محاباة أو تردد.

والواقع يؤكد أن فشل نواب البرلمان اللبناني 11 مرةً، في ممارسة ما يسمى «ديمقراطية»، تم بسبب توغل نصر الله وتحكمه بمفاصل الدولة، التي تحولت مع الوقت إلى ورقة بيده، يتصرف بها لطاعة الولي الفقيه وتعليماته الصادرة من طهران.

أعود لحديثه الذي صفق له، وضحك بمناسبته، مجموعات من قواعده الشعبية «المغلوبة على أمرها»، أو «المضحوك على ذقونها»، ويمكن القول إنه يحتوي على بعض من «الأهداف المسمومة». ماهي؟ أولها: محاولته تصوير انصراف دول الخليج عن لبنان. وثانيها: بث مزيد كراهية الشعوب «التي نسي أنه هو ومن على شاكلته سبباً في تدني معيشتها، كما يجري في لبنان على سبيل الاستشهاد» ضد دول الخليج، وهذا يثبت من قوله «من سوء حظنا أنه لا عندنا لا رونالدو، ولا ميسي، وهذا نموذج لا يوجد داعي نشرح فيه أكثر».

الأخطر من ذلك حسب ما أرى، هو سعيه لتأجيج الشارع المصري ضد دول الخليج. كيف؟ هذا يتأكد بما لا يدع للشك مجالا من خلال قوله «هل لبنان أهم للخليج من مصر، هل لبنان أهم للسعودية من مصر». إذ يتضح أنه أراد من ذلك، استجداء العاطفة المصرية، وقلب موازينها تجاه المملكة ودول الخليج، وخلق أي مُسبب لحدوث فرقة بين الشارع المصري وحكومات الخليج، وهو ما استدعى وزارة الخارجية المصرية، التي كانت له بالمرصاد، حين اعتبرت أن حديث نصر الله «تصريحات عبثية، تحاول استدعاء بطولات زائفة».

ومن ثم، وهذا مكمن الخطر، فيتضح الخبث في نفس زعيم ميليشيا حزب الله، خلال محاولته مقاربة الحالة في لبنان «الدولة الموصوفة بالانهيار»، بالأخرى في مصر، وهو ما يُبطن تأجيجاً واضحاً ضد الحكومة المصرية، التي فهمت الأمر، وخرجت بالبيان المذكور.

يتصور السيد حسن وهو المتورط في لبنان وسوريا والعراق واليمن، أنه أذكى من الشعوب العربية، ويعتقد أنه ذو كلمة مسموعة لمسافة تتجاوز «ضاحيته وحارة حريك» في جنوب بيروت، بينما هو واهمٌ بالمطلق، ويفتقد أبسط مقومات العقل الإنساني، لكن يبدو أنه وهو الذي لم يفوت فرصة للقدح في الخليج، والسعودية، مقتنع بأن الشارع العربي قد نسي مفاخرته بالعيش هو وحزبه ومن يسير في فلكه بالمال الإيراني.

وعلى هذا الأساس كانت الجبهة المضادة في السعودية والخليج، تعتمد على قوله بلسانه ومباهاته بالتبعية للنظام الإيراني، حين تصدى له الرأي العام من ذاته، ودون توجيهٍ حكومي أو رسمي، إذ إن الأمر تحول إلى شعبي بامتياز، وهذا بالطبع ضمن المزايا التي يتمتع بها أبناء السعودية والخليج على حدٍ سواء.

في حقيقة الأمر، أن الجميع «حكومات ومجتمعات» في الخليج، أكثر نباهةً بكثير مما يعتقد، وهذا يتأكد من خلال تفهّم كيف حوّل بوصلته للتسول منها، وهي تعي بالمطلق – أي دول الخليج وشعوبها - أن الرجل على رغم من أن حديثه يحتمل عدة تفسيرات كما ذكرت آنفاً، إلا أن المراقب لحالة حزب الله وسيده، سيكتشف أنه يُعاني حالة التقشف، الناتج عن حالة الإرباك التي تتسبب بها تخوفات النظام الإيراني من شارعه، عقب أن ثار بوجهه نتيجة تبديد أمواله على حروب لا ناقة له فيها ولا جمل.

مشكلة نصر الله بكل الأحوال، أنه يرى على الدوام، أنه أول الرابحين في كل شيء، حتى بالكذب والتزييف وبث الأحقاد والسواد، بينما في واقع الأمر، أنه يتربع على عرش الخاسرين، كونه خسر وطنه أولاً، وعروبته ثانياً، وإنسانيته ثالثاً، بتلطيخ يديه بدماء الشعوب العربية، وارتهانه لمشروع عابر للقارات، هدفه الأول والأخير زعزعة المنطقة، وتشتيت حكوماتها، وشرذمة شعوبها.

هذا هو حال سيد المقاومة، لقد بات مكشوفاً للجميع، بعيداً عن محاولته الخروج بوجهٍ وديع.

لذلك تلقى ضربةً موجعة من السعوديين وأبناء الخليج، دوناً عن حكوماتهم.

حين قالوا له.. اذهب إلى طهران. أو إلى الجحيم.. «فيش مصاري» يا نصر الله.