بعد تعاقد نادي النصر السعودي مع اللاعب البرتغالي كريستيانو رونالدو، عجت مواقع التواصل الاجتماعي بنكير أصوات تعترض، وتلوم، وتتباكى، وتستغرب، وتستنكر قيمة التعاقد المليارية، ما زاد من حركة مشاعر الحقد الآسنة التي لم تكن يومًا من الأيام راكدة!

وطبعًا.. ليس بمستغرب طفح مجاري الكرة والحسد والغيرة من دول الخليج بشكل عام والمملكة العربية السعودية بشكل خاص -أدام الله عزها وعز خليجنا وزادنا رفعة وازدهار– فنحن تعودنا قذائف الكلام والخطب الصادرة من أفواه شخصيات سياسية أو دينية أو إعلامية، فارغة المنطق، ضعيفة الحجة والبرهان.

مليار أو ضعفه أو عشرة أضعافه نتعاقد بها مع لاعب، أو نقيم فعاليات ترفيهية، أو نصرفها أينما كان ما دمنا نرى أنها ستعود علينا بما صرفنا هذه المبالغ من أجله، فهذا شأن خاص بنا خاصة أنها أموالنا التي جنيناها من خيرات أرضنا التي أنعم الله بها علينا.. والتي لم تقصر السعودية بصرف جزء كبير منها في المساعدات الإنسانية خارج حدودها، حيث تتصدر المملكة قائمة الدول المانحة في مجال تقديم المساعدات الإنمائية الرسمية، إنسانية وتنموية، إلى الدول منخفضة ومتوسطة الدخل بما يشكل 1.05% من إجمالي الدخل القومي للمملكة، متخطية الهدف الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في أكتوبر 1970 والمتمثل بتخصيص الدول المانحة ما نسبته 0.7% من دخلها القومي كمساعدات إنمائية رسمية، ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية خير شاهد على ذلك.

هذه المساعدات رغم غزارتها الحاضرة والمشَرِفة، فإنها ليست وليدة الحاضر السخي للمملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهد سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز حفظهما الله، واللذان يحرصان على البذل والعطاء، لتكون المملكة في صدارة المشهد الدولي الإنساني، إنما هي تاريخ من عطاء ممتد منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز طيب الله ثراه، توارثه أبناؤه من بعده، فكما هو واضح وضوح الشمس حجم المساعدات التي حظي بها الشعب الفلسطيني على مر التاريخ، ولا ننسى ما قدمته المملكة للاجئين السورين، ومساعدتنا لليمن، وغيرها من المساعدات التي دائمًا ما نكون كدولة أول المبادرين ليصل عطاؤها إلى الدول المنكوبة والمحتاجة في الوقت الأسرع والمناسب.

أبواق الكرة والحسد والافتراء، تنعق بباطل يستنكر صرف قيمة هذا العقد على لاعب بدلا من إعمار بلاده التي سبق أن عُمرت بأموال سعودية بعد دمار، لتعود لها الحياة اقتصاديًا واجتماعيًا وسياحيًا، بعد انعاش جعله الله على يد المملكة العربية السعودية.. ولكن وبكل رعونة وعدم تحمل للمسؤولية يأتي سفيه ليسحب أجهزة الانعاش ويحول الإعمار إلى دمار، ثم بكل تبجح يلوم السعودية على عدم إعادة اعمار نتائج العبث السياسي في بلاده.

أفواه أخرى تفوح منها رائحة الحقد، تُحمل السعودية مسؤولية فقر تعيشه وتطلب منا رد جميل – أياديهم البيضاء – في تعليمنا !

لهؤلاء.. عندما كانت الجزيرة العربية تعاني الفقر والجوع في الوقت الذي كانت أراضيهم تزخر بالخيرات، لم يطعمنا أحد.. ولم يعلمنا أحد.. ولم يلتفت منهم أحد إلى بدو الصحراء وسكان الحضر في الخليج العربي. أجدادنا هم من حفروا الصخر، وتقرحت أقدامهم من رمضاء الصحراء بحثًا عن لقمة عيش، ومعلمونا في كتاتيبنا كانوا منا، لم يكن بينهم غريبًا تعطف علينا بحرف أو رقم علمنا إياه، تعب أجدادنا وهم يصارعون الظروف القاسية إلى أن فجر لنا الله خزائن كنوز صحرائنا وأعطانا من واسع فضله.. وفتح في بلادنا أبواب رزق واسعة لنا ولغيرنا، بعدها لم نستأثر بخيراتنا لأنفسنا نتجاهل مكروبًا، لم يبخل حكامنا على محتاج من طيب أموالنا من غير مَن أو أذى ، ولم نقفل أبواب قلوبنا كقيادة وشعب في وجه من وجد له لقمة عيش هنيئة على أرضنا ، من أتى من الخارج فعلم أو درس أو بنى لم يقدم ما قدم حبا وكرامة.. أتى لأن المقابل المادي كان يفوق ما يجده في عمله في أرضه لذلك تغرب وحرص عليه لإدراكه التام أن المقابل المادي الذي سيحصل عليه سينقله الى رفاهية عيش لم يكن يحلم بها لو لم يأت ليقدم لنا العلم أو العمل بمقابل، لذلك لا فضل ولا منة لأحد علينا كسعوديون، وكما قال سمو الأمير بدر بن عبدالمحسن:

ما لحد منة الله عزنا..

روحنا كتاب الله وقلبنا السنة..

وإن طمع فينا العدو ما علي منه..

ابشري يا دارنا السعد فالك..

وافرحي يا دارنا بوقفة رجالك..

أنتِ بين ضلوعنا.. رملك وجبالك..

من ظهر في أرض العرب وأعلن جهاد..؟

ومن توحد قبلنا وحرر بلاده..؟

من بنى هالوطن..؟ احنا يا سادة..

وما لحد منة.