زرت مدينة فيرونا الإيطالية بعد أن شاهدت فيلم «رسائل إلى جولييت»، وزرت بالي بإندونيسيا بعد مشاهدتي فيلم «طعام، صلاة، حب». ماذا عنكم؟ هل تتذكرون مدنا حول العالم ترغبون بالسفر إليها بسبب فيلم سينمائي أو مسلسل تلفزيوني أو برنامج وثائقي؟

تشير الدراسات المختصة بالسياحة إلى أن 20% من الأشخاص تؤثر السينما في اتخاذهم قرارات حول الوجهات السياحية.

فالأعمال الفنية السياحية بشكل عام والسينمائية بشكل خاص أصبحت رائجة، وهي من أهم أشكال الدعاية والترويج للمنتج السياحي حول العالم. بخاصة حين تتم صناعتها باحترافية وإحساس يجعلها أشبه باستدعاء ملح وإغراء لا يمكن تجاهله.

في هذه الأعمال تمررالرسالة الدعائية بشكل غير مباشر، بل من خلال أحداث وشخصيات جاذبة للمشاهد. ربما يقدم العمل قصة عاطفية أو اجتماعية، أو يحاول فك رموز أحداث غامضة أو يسرد أحداثا تاريخية بوليسية أو سياسية.

المهم في المحصلة أن العقل الباطن للمشاهد يتعرض لسلسلة من الصور للأماكن والأجواء والتقاليد والقيم حتى يقع المتلقي تحت تأثير الدهشة، ويتملكه شغف الاكتشاف، وتتراكم لديه صور ذهنية خاصة حول السياحة في دولة ما.

استفادت دول عديدة من السينما السياحية وزادت مداخيل قطاعات السياحة فيها بشكل كبير، ولعل من أشهرها تركيا ونيوزيلندا وإسبانيا. بل يذكر أن عائدات أفلام hobbit على السياحة في نيوزيلندا تتراوح بين 50 و500 مليون دولار سنويا.

بالنظر لما تكتنزه الهوية السعودية الزاخرة فنيا وثقافيا، فإنه من الممكن- بلا شك- تقديم سينما سياحية متقدمة في حال التوجه لتطوير صناعة السينما بطريقة تخدم هذا الهدف.

في السعودية بيئات متنوعة يمكنها أن تثري أي مشهد سينمائي. ناهيك عن المعالم والأماكن الأثرية المرتبطة بشخصيات وأحداث تاريخية لم تجسد حتى الآن في أي عمل من أي نوع. وكذلك التقاليد الخاصة في الأزياء والصناعات والطعام والمناسبات، والمواقع القديمة حيث نشأت الديانات والحضارات.. با ختصار نحن أمام مخزون ثقافي محرض على إثارة الاهتمام والمشاعر، واتجاهات مختلفة للتفكير وبناء العلاقات الإنسانية وأساليب الحياة.

وأعتقد أن التعاون في هذا المجال بين وزارتي السياحة والثقافة - التي هي اليوم مظلة لعدد كبير من الهيئات الفاعلة في هذا الاتجاه - يمكن أن ينتج تقدما كبيرا لتطوير سينما سياحية، تقدم لمحبي السفر حول العالم آفاقا أرحب، واحتمالات أكثر حول تجربة السياحة والعيش في السعودية.