قيل إن منشأه ياباني، بدأ استخدامه مطالع القرن العشرين كنوع من الطب البديل. هناك من بالغ في تقدير منفعته، وعلى النقيض هناك من عده ضربًا من الخرافة، كما أن هناك من احتاج إلى فتوى للتطبب به، فزاد الأمر تعقيدًا، لاختلاف حكمه من شيخ لآخر يقول «وما علمنا منه حرامًا إلا ما اختلط بالسحر والشعوذة!».

إنه «العلاج بالطاقة الحيوية» الذي آمن به البعض، وأنكره آخرون، فيما ظلت الناس ترفع سؤالا محيرا: أهو علم حقيقي، أم وهم لجلب المال؟

العلاجات بالطاقة متعددة، لكن أشهرها (الريكي وجلسات الثيتا)، الأول ممارسة روحانية طورها الياباني ميكاو أسوي عام 1922، وتوفي بسكتة دماغية بعد أن درّس الريكي لأكثر من ألفي شخص. بعض الهيئات المهنية وصفته بالطب الشرقي لنشأته، حيث يجلب المعالج الطاقة الإيجابية من الكون، ومن ثمّ يشحن جسم المريض بها عن طريق كفيه، وسحب الطاقة السلبية مسببة المرض. والعلاج بالريكي نوعان، ياباني تقليدي يعتمد على الكفين، وآخر غربي أسسته المعلمة اليابانية/ الأمريكية هاوايو هيرومي، ويعتمد على العلاج بالكفين أو عن بعد باستخدام رموز معينة.

عادة العلاج بالريكي يحتاج من 12 إلى 21 جلسة، مدة كل جلسة ما بين نصف ساعة إلى ساعة.

أما جلسات الثيتا، والتي ظهرت للمرة الأولى عام 1955 على يد الكاتبة ومدربة التأمل (فيانا ستيبال)، فيستخدم المعالج فيها طرق الاسترخاء والتأمل حتى يدخل المريض حالة الثيتا، وهي موجات كهربائية للدماغ تحدث أثناء النوم الخفيف وقبل الاستيقاظ.

وأحد طرق العلاج بالثيتا هو استخدام الموجات الصوتية، لتحفيز الدماغ لإنتاج موجات ثيتا رغم اليقظة، ووجد أن هذه الطريقة من الممكن أن تحسن الاضطرابات النفسية وجودة النوم، وقال بعضهم إنها ترفع المناعة، فيصبح الجسد أكثر مقاومة للفيروسات والعدوى. وتستغرق جلسات الثيتا الوقت ذاته الذي يحتاجه العلاج بالريكي.

هناك إقبال كبير من الناس على العلاج بالطاقة، بالذات بين النساء، ازداد الإقبال أثناء جائحة كورونا، ربما لخوف الناس من المستشفيات والهاجس المسيطر من تأثيرات سلبية للأدوية، رغم أن الجلسات باهظة الثمن، حتى تلك التي تتم عن بُعد، أو ربما لمهارة هؤلاء الممارسين في إقناع الناس بقدرتهم على شفائهم، دون أدنى ألم، حتى وصل الغلو عند بعضهم لادعاء «أن العلاج بالطاقة قادر على تغيير الحمض النووي»!

ومن تاريخ العلاج بالطاقة الحيوية يبدو أن منشأه لم يكن اليابان، بل أعيد اكتشافه وتطور هناك، فمنشأه الأساسي -بحسب دراسات- كان في مصر على يد الفراعنة، فبعض الحركات الجسمانية ما زالت منقوشة على جدران المعابد والمقابر، وكان العلاج بطاقة الأحجار الكريمة، والرموز مفتاح الحياة.

منظمة الصحة العالمية اعترفت بعلم الطاقة، ولكنها لم تمنح الرخصة للعلاج بها، ويرفض الأطباء النفسيون الاعتراف به، رغم أن هدف الطب النفسي هو هدف مختصي العلاج بالطاقة ذاته، وهو تحسين نفسية المريض ومن ثمّ تعافيه، إلا أن الاطباء يرون أن العلاج بالطاقة علم زائف ونتائجه لا أحد يستطيع التكهن بها، لأنه يعتمد على تجارب شخصية، بينما هم يمارسون الطب كعلم مؤسس على الأدلة والبراهين، فعدوه نوعًا من الخرافة وبيعًا للوهم.

ما يُقلق ليس العلاج بحد ذاته فهو آمن، إنما ما يترتب عليه من تأخر في علاج الحالات الصحية التي تحتاج تشخيصًا دقيقًا وعلاجًا مبكرًا.

ويبقى السؤال: ما الذي يجعل الناس يشعرون بالتحسن فيعتقدون بنفعه؟

أهو تأثير الإيحاء النفسي الذي يستسلم له العقل الباطن، فتشعر معه النفس بالخفة والجسد بالعافية؟

علميًا -بالفعل- هناك أدوية بلا مفعول، ولكن لاعتقاد المريض أنها نافعة، يشعر معها بالتحسن، وتُسمى أدوية وهمية (Placebo)، ويُستخدم -عادة- هذا العلاج في اختبارات الأدوية الجديدة وفي الأبحاث الطبية.

في السعودية، رغم منع ممارسة العلاج بالطاقة بقرار من المقام السامي منذ 2017، ومنع الدعاية له «المقروءة والمسموعة»، وأيضًا لم تصنفه وزارة الصحة ضمن الطب التكميلي أو الطب البديل، ولم ترخص ممارسته، إلا أنه يُمارس ويروج له على منصات التواصل الاجتماعي ويؤمن به الكثير!