في مقالين سابقين تحدثت عن تجارب لشركات كانت صغيرة جدا ثم أصبحت عملاقة بشكل كبير جدا– ولو كانت دولا لأصبحت من العشرين الكبار.

تنبهت اليابان باكراً لأهميتها فأنشأت معهد طوكيو للشركات الصغيرة والمتوسطة عام 1962، وفي الولايات المتحدة يوجد 28 مليون منشأة صغيرة ومتوسطة تشغل ثلثي الوظائف، وفي أوروبا 25 مليون شركة صغيرة ومتوسطة تسهم بـ%56 من الاقتصاد وتوظيف أكثر من %60 من العاملين.

لذلك اهتمت الحكومة السعودية حديثاً بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة وقد أبدت الرؤية 2030 اهتماما بهذا النوع، حيث إنها تسعى إلى رفع مساهمتها بالناتج المحلي من %20 إلى %35 ولذا أنشأت هيئة حكومية تعنى بالمنشآت المتوسطة والصغيرة وتدعمها، وهناك بنك التنمية الاجتماعية للتمويل، كما أن هناك حاضنات أعمال كثيرة حكومية وخاصة تعنى بهم وتدعمهم وتهتم بهم، ويستطيعون معرفة ذلك وغيره من خلال موقع منشآت الإلكتروني. وقد بلغت إيرادات هذه المنشأة في 2020 نحو 1265 مليار ريال في المملكة ولا ننكر حجم الدعم المقدم لهم ماديا ومعنويا وقانونيا وإجرائيا، ولكن نطمح في دعم أكبر ورعاية أشمل وأعمق وأقرب لأنهم يستحقون ذلك وأكثر.

ومما يجعل أمر تعريف هذه المنشآت والتعامل معها أسهل وأوضح أن قامت الهيئة «منشآت» بتعريف أنواعها وتقسيمها إلى أربع فئات، فالمنشآت متناهية الصغر هي التي يكون دخلها السنوي من 0-3 ملايين ريال، وعدد موظفيها 1-5 موظفين، والمنشآت الصغيرة يكون دخلها سنويا من 3-40 مليونا وعدد الموظفين بين 6-49 موظفا والمتوسطة مبيعاتها من 40-200 مليون وعمالتها من 50-249 موظفا، ولكي نحسن التعامل مع هذه النوع من المنشآت (الصغيرة والمتوسطة) وفهمها بشكل أكثر فلا بد من معرفة مزاياها والصعوبات التي تواجهها.

فمن مزاياها أنها أكثر مرونة، قريبة من العملاء، سرعة اتخاذ القرارات، تواصل أسهل، رأس مال صغير، لا تحتاج إلى دراسة جدوى، سهولة ربط فريق العمل، حاضنة للوظائف بشكل كبير بسبب كثرتها خصوصاً في المناطق النائية.

أما المصاعب التي تواجهها التي تستلزم من الأطراف ذات العلاقة الاهتمام بها «الاستدامة» وأضعها بين قوسين لأهميتها، وكذلك صعوبة الحصول على التمويل وارتفاع تكلفة الإقراض، وهذا من أبرز المصاعب التي تواجهها، كذلك قلة المعرفة الإدارية والمالية لدى أصحابها، فهم أصحاب أفكار ويحتاجون توجيها لكيفية الإدارة ماليا وإداريا وقانونيا، صعوبات التسويق، إدارة السيولة، الإجراءات البيروقراطية، شراسة المنافسة، صعوبة الوصول للأسواق البعيدة.

لذا لا بد من الأخذ بيد أصحابها وعقد اجتماعات دورية جماعية وفردية لهم تسهل الإجراءات الاجتماع بهم بشكل دوري لمناقشة حاجاتهم والمصاعب التي تواجههم كذلك تطبيق (سياسة الشباك الواحد بشكل عملي) ودعمهم في مواجهة البيروقراطية، توفير التمويل، حث المنشآت الكبيرة للتعامل معهم وإعطائهم الأولوية من خلال تقديم حوافز للشركات الكبيرة عند التعامل معهم وكذلك إلزام أن تكون الأولوية لهم في العقود الحكومية من خلال توجيه الشركات الحكومية أو الشركات التي تتعاقد مع جهات حكومية بجعل الأولوية لتلك المنشآت في تقديم منتجاتهم وخدماتهم وغيرها من الإجراءات ستكون عاملاً مؤثراً وحاسماً في دعمهم وتنميتهم وتحويلهم إلى شركات «يونيكورن» أو شركات كبيرة.