عشنا افتتاحية شهر شعبان المبارك، الثلاثاء الماضي، باستبشار عظيم وأمل كبير في أن يبلغنا الله ما بعده، ويعيننا على صيامه وقيامه، وعشنا في اليوم الثاني منه الفرحة الثانية بذكرى تاريخ تأسيس الدولة السعودية التي أسسها ووضع لبنتها الأولى الإمام محمد بن سعود قبل ثلاثة قرون، وتحديدا يوم توليه الحكم في «الدرعية»، يوم 30 جمادى الآخرة 1139هـ الموافق ليوم 22 فبراير1727م، إبان تأسيسه الدولة السعودية الأولى، وابتهج الخاطر باستذكار امتداد الدولة السعودية من ثلاثة قرون، وإبراز العمق التاريخي والحضاري لها، والاحتفاء بالإرث الثقافي المتنوع، والوفاء لمن أسهم في خدمة الوطن من أسلافنا من الأئمة والملوك، حكام الدولة الأولى: الإمام محمد بن سعود بن محمد المريدي، وابنه الإمام عبدالعزيز، وابنه الإمام سعود، وابنه الإمام عبدالله، وحكام الدولة الثانية: الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود، وابنه الإمام فيصل، وأبنائه الإمام عبدالله، والإمام عبدالرحمن. ومؤسس الدولة السعودية الثالثة، وموحد المملكة العربية السعودية، جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل بن تركي، وأبنائه الملك سعود، والملك فيصل، والملك خالد، والملك فهد، والملك عبدالله رحمهم الله رحمة واسعة، وجازاهم عنا خير الجزاء، ولم يتوقف اللسان عن الدعاء لمن أمر بالاحتفال بهذا اليوم التاريخي، سيدي خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله وولي عهده ورعاهما، الذي أصدر أمره الملكي الكريم بأن يكون يوم 22 فبراير يوماً للتأسيس، كونه اليوم الذي يرمز للعمق التاريخي والحضاري والثقافي للمملكة عندما أسس الإمام محمد بن سعود الدولة السعودية الأولى عام 1139هـ / 1727م، الذي يهدف للاعتزاز بالجذور الراسخة للدولة السعودية، والاعتزاز بالارتباط الوثيق بين المواطنين وقادتهم، والاعتزاز بما أرسته الدولة السعودية من الوحدة والاستقرار والأمن، والاعتزاز بصمود الدولة السعودية الأولى، والدفاع عنها أمام الأعداء، والاعتزاز باستمرار الدولة السعودية، واستعادتها لقوة جذورها وقادتها، والاعتزاز بالوحدة الوطنية للمملكة التي أرساها جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود، والاعتزاز بإنجازات الملوك أبنائه في تعزيز البناء والوحدة..

ابتهجت الخواطر بحضور ومتابعة الفعاليات الثقافية بمناسبة يوم التأسيس، وكيف أخذتهم لما قبل 3 قرون، وحركة الأسواق الشعبية، والأصالة في الأزياء التقليدية، إلى جانب المعارض التفاعلية والندوات الثقافية، والعروض المسرحية التاريخية، والإرث الثقافي للدولة السعودية الأولى من خلال المحاضرات، والحوارات، وورش العمل، وكان من أهم الفعاليات مسرحية «معلقاتنا امتداد أمجاد»، التي أحسن الأمير عبدالرحمن بن مساعد بن عبدالعزيز، بفكرته وإشرافه، وكلماته وكلمات زملائه وجهود فريق عمله في مجاراة المعلقات العشر الشهيرة في الشعر العربي، وأحسنوا للأجيال في استعراض تاريخ وأمجاد المملكة، التي تمتاز بالتنوع الاجتماعي الذي يشكل ثراءً ثقافياً أسهم في رسم هوية غنية لسكان كافة مناطق المملكة، التي تتفرد كل منطقة منها بلهجاتها الخاصة، وعاداتها وتقاليدها، وأزيائها، ومطبخها الخاص وأطباقها المستوحاة من بيئتها وطبيعتها، وقيمها وعاداتها وتقاليدها العريقة من كرم وضيافة وحفاظ على العلاقات الأسرية والعزيمة والشجاعة، وفوق هذا تنوعاتها الفكرية التي كانت، والتي ينبغي أن تستمر، لأن الاختلاف «رحمة»، والتنوع «نعمة»، والحمد لله كثيرا.