حينما يحسب أحدنا أنه صاحب همة في العمل، لا يفوقه أحد، فعليه أن ينظر للمعاقين الذين تم تأهيلهم عن طريق المؤسسات الوقفية لتأهيل وتوظيف ذوي الإعاقة، إذ يقول مرزوق العتيبي وهو قائد لـ (سعي) - إحدى تلك المؤسسات -: إنه منبهر بما يراه من همة ونشاط وصدق في التعامل، وانضباطية في العمل لمن تم تأهيلهم لسوق العمل عن طريق مؤسسته التي أصبحت خبراتها في هذا المجال تنقل إلى دول الخليج. بالتأكيد أن هذا لم يكن ليتحقق لولا أن المؤسسة - وأخواتها - مدعومة على الأقل معنويًا من (هيئة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة) من خلال حضور المدير التنفيذي للهيئة إلى مقر المؤسسة، واطلاعه شخصيًا على ما لم يخطر بالبال، أن شخصًا من ذوي الإعاقة قادر على أن يعمل إن تم تأهيله!

ولنا في أبطال المملكة من كل أرجائها، أمثلة كثيرة لعل أقربهم الرسام والمصمم ( راكان كردي) الذي اشتهر برسم لوحات جدارية وصلت أقطار العالم، تحمل صورا مدمجة لقادات أمجادنا، بدءًا بمؤسس وموحد هذا الكيان العظيم جلالة المغفور له الملك عبدالعزيز- طيب الله ثراه -حتى حفيده مجدد شباب مملكتنا سمو ولي العهد الأمين.

ما قد يحز في نفس مرزوق وأمثاله من قيادات تلك المؤسسات ممن سخروا حياتهم للوقوف بجانب ذوي الإعاقة حتى يبهرونا بقدرات تجعلنا نقف معاقين وأقزامًا أمام هممهم التي تعانق جبل طويق.

هذا المعاق، بعد تأهيله وتدريبه واكتمال فرحته بأن وافقت إحدى جهات التوظيف على استقطابه، يفاجأ بحرمانه من الإعانة الاجتماعية لذوي الإعاقة، بسبب أن مرتبه الشهري 4000 ريال، وعليه فحسابيا كأنه كان يحصل على قرابة 2500 ريال نصفها من الضمان، ونصفها الآخر من التأهيل وهو «منبطح» في منزله لا خسارة عليه من مواصلات أو مصاريف لاستمراره في تلك الوظيفة، وبمجرد حصوله على مرتبه الأول تنقطع تلك الإعانات عنه، فيصبح وكأنه يعمل 8 ساعات مرهقة، أضعافًا مضاعفة بسبب إعاقته، وما يحتاج إليه بشكل عام من مرافق أو سائق فقط ليزيد دخله 1500 ريال. من المنطقي أن يتوقف ذلك المعاق عن حلمه بأن يندمج في المجتمع، ويكون منتجًا وذا قدرة على تلبية احتياجاته المالية والاجتماعية من زواج أو خلافه، كون الوظيفة هي ما تسبب في فقدانه الـ 2500 ريال التي كان يتلقاها وهو يعيش حياة المعاق حقًا!

أليس هذا الأمر - والسؤال موجه لهيئة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة - قد يكون سببًا كافيًا لإجبار المعاق على أن يلزم منزله، ويقر في نفسه أنه معاق فعليًا، والسؤال الأهم هنا، هل أعاق هو وأقرانه، أنفسهم بعد أن تدربوا وتم تأهيلهم وتمكينهم، أم أننا (نحن من أعاقهم)؟