يستقبل الناس شهر رمضان والأعياد والمناسبات بمظاهر الفرح والابتهاج ويلتقي الآباء أطفالهم وأسرهم يتبادلون التهاني والزيارات وتزدحم الموائد بما لذ وطاب، فيما آلاف العائلات والأطفال والزوجات والأمهات ممن غيبت السجون والمعتقلات محبيهم لسنوات، يعانون الفقد والحرمان والأوجاع، تمر عليهم الدقائق مثقلة بهموم الفراق وألم المعاناة.

يدخل العام الرابع، منذ توقيع اتفاقية استوكهولم بالسويد في ديسمبر 2018م، التي تنص في أحد بنودها على الإفراج عن الأسرى والمختطفين «الكل مقابل الكل» وآلاف الأطفال ينتظرون آباءهم ليتناولوا معاً الفطور في شهر رمضان ويشتروا لهم الملابس الجديدة ويخرجوا معهم لأداء صلاة العيد ويفرحوا كبقية الأطفال.

زوجات المختطفين، ضاق بهن الحال وهن يبحثن عن لقمة العيش لإطعام أطفالهن وتعليمهم والقيام على تربيتهم وتحمل مسؤولية بيوتهن الذي غاب المعيل الوحيد في زنازين مظلمة، ظلماً وعدواناً لا ذنب لهم سوى انتمائهم السياسي أو الفكري والثقافي أو رفضهم لمشروع طائفي كهنوتي مقيت.

الآلاف من أسر المخفيين قسراً والمختطفين يترقبون أمام شاشات التلفاز، لسماع خبر إعلان الأمم المتحدة إطلاق مشاورات الإفراج عن المختطفين، بعد أن أصيبوا بخيبة أمل وإحباط خلال السنوات الماضية من فشل المفاوضات بعد أن ترتقع آمالهم وأمنياتهم بلقائهم.

لن تستطيع أبلغ الكلمات والعبارات، التعبير عن الدموع المحبوسة في عيون أطفال المختطفين في أروقة المدارس وقاعات احتفالات التخرج ومناسبات الأعياد، وهم ينظرون لأقرانهم مع آبائهم يحتضنونهم ويداعبونهم ويقلدونهم الفل ويعطونهم الهدايا والألعاب والقبلات التي حرموا منهم.

على أبواب سجون ومعتقلات صنعاء الممتلئة بالمختطفين من المدنيين والمعلمين والمهندسين، يتردد المئات من آباء وأمهات المختطفين وكل حلمهم زيارة أبنائهم، رغم البؤس والخذلان والابتزاز بالأموال التي تثقل كاهلهم لمعرفة مصير وظروف أبنائهم المختطفين.

جولة جديدة من المفاوضات في جنيف، السبت 11 مارس، تنطلق معها آمال عريضة لذوي المختطفين في انتهاء معاناتهم، ولأنهم لا يجيدون ألاعيب السياسة واستغلال القضايا الإنسانية لتحقيق مكاسب مالية وسياسية واقتصادية، فيصابون بإحباط شديد عند تعثرها، هم لا يفارقون أحلامهم في لقاء محبيهم المختطفين ولم الشمل، حتى ولو تم مبادلتهم كمدنيين بمقاتلين وأسرى مواجهات مسلحة.

لم تغب لحظة واحدة على المختطفين وأقاربهم، كل صور التغييب القسري واحتجاز حريتهم وممارسات التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة، ومحاولة تجنب وإهمال تحقيق العدالة والإفلات من العقاب والمحاسبة القانونية لمرتكبي الانتهاكات في مفاوضات السلام، ما هي إلا نتيجة طبيعية لما يمارسه الحوثي من إصرار وتعنت متكرر على إفشال المفاوضات واستمرار التنصل من تنفيذ التزاماته، لتستمر معها معاناة اليمنيين.