حينما رحل أستاذنا "قينان الغامدي" عن رئاسة تحرير هذه الصحيفة قبل عشر سنوات.. مررت بحالة إحباط شديد.. توهمت لحظتها، كغيري، أن المسألة أصبحت مسألة وقت، وستغلق الصحيفة أبوابها.. وستتم تصفية حقوق العاملين، وكل سيذهب لمنزله! الدهشة أن شيئا من ذلك لم يحدث.. إذ تتالى رؤساء التحرير من بعده.. والمدهش أكثر أنهم رحلوا واحداً تلو آخر.. ولم تتغير مسيرة الصحيفة، حتى وصلت لزميلنا النبيل "طلال آل الشيخ".. وكذلك الأمر ينسحب على الإدارة العامة.. حيث رحل الكثير من العقليات الفذة التي ظننا أن الصحيفة ستعلن إفلاسها برحيلهم.. غير أن شيئا من ذلك لم يحدث أيضاً.. وعلى صعيد "قسم الرأي".. الذي تميزت به "الوطن"، تبرز إحدى أشهر حكايات الرحيل، رحيل الكاتب السوداني الساخر "جعفر عباس"؛ ظن الكثيرون حينها أن رحيله كان بمثابة إعلان لوفاة قسم الرأي في الصحيفة.. لكن شيئا من ذلك لم يحدث.. إذ ما يزال قسم الرأي أحد أقوى الأقسام في الصحافة المحلية.

قبل أيام تكرر ذات السيناريو، حينما أعلن زميلنا الأخ العزيز الكاتب "تركي الدخيل" رحيله من "الوطن".. كان خبرا مؤسفاً أن تفقد الصحيفة أحد أبرز كتابها.. أنت كمن يتحدث عن غياب مهاجم مؤثر عن الفريق.. لكنه كان أكثر العارفين أن مسيرة "الوطن" لن تتوقف.. ولذلك كان "نبيلا راقيا" حتى في رحيله.. اعتذر بأدب، ورحل بهدوء، كعادة الكبار دائماً.. ما الذي أود قوله اليوم..؟!

أثبتت صحيفة الوطن أنها لا ترتهن لأحد.. لا تتوقف لغياب أحد.. لا تتأثر لرحيل أحد.. ليس ثمة سر خطير بحاجة لأن يُذاع.. الحكاية أن العمل فيها مؤسسي بحت.. ليس له علاقة بالأشخاص، بقوا أم رحلوا.. حضروا أم غابوا.. وإن كان هناك من يستحق الشكر فهم مؤسسو هذا المشروع الحضاري الفكري.. الذين رسموا طريق التميز والإبداع أمام هذه الصحيفة.. ولذلك ثقوا أن مسيرة "الوطن" لن تتوقف بإذن الله..

ما الغرابة في ذلك .. إنها "الوطن".