إذن نحن على أعتاب واقع جديد في الشرق الأوسط ودول الخليج، واقع ينعكس بآثاره الإيجابية على مناحي الحياة ويعود بثماره على المنطقة أمنياً وسياسياً واقتصادياً.

فالتقارب الذي تم الإعلان عنه بين السعودية وإيران، وعودة العلاقات الدبلوماسية بينهما في مدة أقصاها شهران.. لبنة قوية في المظلة الأمنية التي تستهدفها المنطقة، خصوصاً وأن التوترات التي تتهدد الأمن تنشر دماملها على وجوه الحياة في كل المنطقة، وتبطئ من وتيرة النماء والاستقرار، وتؤثر في توجيه الموارد إلى وجهاتها المقصودة لرفاهية المجتمعات.

كذلك يتجلى البند الذي اتفق عليه بعدم التدخل في شؤون الدول، واضعاً إصبعه بشكل مباشر على مواقع الألم، بل ومتحولاً لمبضع يعالج صراعات دامية لطالما استنزفت الطاقات ودفعت أثمانها شعوب، فتصبح الدول بعيدة عن التدخلات الأجنبية، وتنفتح أمامها الفرص لمعالجة قضاياها وفق إراداتها الوطنية المستقلة.

أيضا تصبح المنطقة بعد التقارب السعودي- الإيراني مساحة أكثر رحابة في مجال التلاقي بديلاً عن التباعد، وتتجه السياسات إلى التنسيق والتعاون وفهم الآخر، بدلا من التدافع السالب والمواقف المتشاكسة، فتكون الثمار إشاعة روح من الاستقرار العام، وقفل الأبواب أمام تنامي أي اتجاهات للكراهية، ويصبح التنسيق السياسي هو السلاح الذي تواجه به المنطقة تحدياتها في عالم اليوم.

إن منطقة الشرق الأوسط بما فيها منطقة الخليج ذات موقع إستراتيجي مؤثر في حركة الربط بين قارات العالم، ولها إطلالات مائية ذات أهمية قصوى في النشاط الإنساني والاقتصادي، كما أنها غنية بالثروات الهائلة وعلى رأسها النفط، وتشكل السعودية وإيران عنصراً مهماً في كل هذه المقوّمات، فيعود أي تقارب بينهما على المنطقة كلها بالخير العميم، وتتسع مساحات التعاون، وتجد مناخات التكامل والاستفادة من الخبرات فرصة ثمينة لبسط خيمتها، وتتنامى الموارد بشكل متبادل، فتصبح المنطقة متجانسة في نمائها وتقدمها الحضاري على مختلف الأصعدة.

إن عودة المياه إلى مساراتها المعهودة والمطلوبة في علاقات السعودية وإيران، وسيلة مجدية لكنس التشرذم الذي يمكن أن يتكون نتاجا للصراعات، وطريق يدفع دول المنطقة لتوجيه طاقاتها لمنفعة شعوبها، وأداة لبناء الثقة بين دول المنطقة فتكون يداً واحدة في السراء والضراء، وإقليماً يحظى دولياً بالتقدير والهيبة والاحترام.