أكتب مقالي وأنا في طريقي لعاصمتنا الحبيبة، حيث أسعد بتلبية دعوة رئيس هيئة جائزة الملك فيصل، الأمير خالد الفيصل، لحضور حفل تسليم الجائزة للفائزين بها هذا العام، مساء غد الإثنين، تحت رعاية كريمة من سيدي خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله ورعاه.

جائزة الملك فيصل، أحد أهم المشاريع المستدامة لمؤسسة الملك فيصل الخيرية، التي أسسها الأمراء أبناء الملك فيصل، عام 1396/1976، للحفاظ على إرث جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، طيب الله ثراهما، والمضي في تحقيق رؤاه الجامعة بين التقدم والحفاظ على التقاليد، والحريصة على تمكين الأجيال من استغلال كوامن طاقتهم ومواهبهم، وجعلوا رؤيتها «خدمة الإسلام وإنسان السلام»؛ الأمر الذي جعل الجائزة ذات أبعاد عالمية، وأكسبها سمعة عالية مستحقة، منذ أن تم منحها لأول مرة، للمؤهلين لها عام 1399/1979، مكافأة مستحقة للأفراد والمؤسسات على إنجازاتهم الفريدة، وبهدف خدمة الحاضر، والتقدم للمستقبل، وإثراء الفكر البشري، والمساهمة في تقدم البشرية، عبر معايير دولية للمرشحين، الذين حصل عدد من الفائزين منهم فيما بعد، على جوائز عالمية أخرى، كجائزة نوبل، مثل الدكتور «جبروبينج» الذي حصل على جائزة الملك فيصل عام 1984، ثم على جائزة نوبل عام 1991، والدكتور «أحمد زويل»، الذي حصل على جائزة الملك فيصل عام 1989، قبل سنوات من حصوله على جائزة نوبل عام 1999.

المنصفون من المتابعين للحراك الثقافي الاجتماعي يقولون إن الأصل في الجوائز الأدبية وغير الأدبية أنها غربية، وبعضها قد نشأ مع بداية القرن الماضي، وإن أول جائزة عربية كبرى هي جائزة الدول التقديرية والتشجيعية في مصر، والتي منحت لأول مرة عام 1958، أي بعد أكثر من نصف قرن من إنشاء الجوائز العالمية، وأنها وغيرها من الجوائز العربية التي قامت في حيثيات المنح على نفس الأسس، بصرف النظر عن فروع الجوائز، ومع كل هذا الإقرار، فإنه لا أحد يمكنه القول إن «جائزة الملك فيصل» قد مشت على نفس نسق الجوائز المعهودة، وذلك لتنوع مجالات الحصول عليها.

فقد كانت البداية في فروع الدراسات الإسلامية، والأدب العربي، وخدمة الإسلام، ومنحت أول مرة عام 1979، ثم أضيف فرع الطب عام 1982، تلاه فرع العلوم عام 1983، وصار للجائزة خمسة فروع، ثلاثة منها أشبه بجائزة نوبل في الأدب والطب والعلوم، ومن يتابع السير الذاتية للذين حصلوا عليها، وخدماتهم التي أسدوها للبشرية، يعترف للجائزة بالحيادية الكاملة، وأنها لفتت وما زالت انتباه العلم إليها وإليهم، وأنها الدافع لكثير من المؤسسات والأفراد في دخول مضمار التسابق على توجيه الأموال لخدمة المبدعين في الأرض.

أختم بأن الكل هنا وهناك، يترقب حفل الجائزة غدًا، بحول الله، والذي سيكون بحضور العديد من الشخصيات المهمة في الساحة الدولية والمحلية، وحتمًا سيسير بشكل سلس ومنظم، وهو أمر ليس بغريب على القائمين على المؤسسة من مؤسسين، وأعضاء مجلس أمناء، وليس بغريب على هيئة الجائزة، وفريق الأمانة العامة، الذين أخذوا على عاتقهم مهمة أن تكون مناسبة الحفل فريدة، والاحتفالية رائعة، وتليق بتكريم العلماء الذين ساهموا في تقدم الحياة البشرية، وأخص بالذكر هنا الفائزين بها هذا العام: الدكتور حامد تشوي، والسفير ناصر عبدالله الزعابي، والبروفيسور روبرت هيلينبراند، والبروفيسور عبدالفتاح كيليطو، والبروفيسور دان هون بوروك، والبروفيسورة سارة كاثرين غيلبيرت، والبروفيسورة جاكي يي رو ينج، والبروفيسور تشاد ألكساندر ميركن، وبالتوفيق لهم ولكل من يخدم الإنسانية والإنسان بصدق وإخلاص.