لا خلاف في الحفاظ على النظام العام وعدم التعرض له بأي شكل من الأشكال سواء بشكل صريح أو ضمني، وهو مجموعة القواعد التي يقوم عليها كيان وأساس المجتمع القانوني، ومجموعة القوانين المشار إليها يقصد بها القوانين المدنية وهي مستمدة دون شك من الشريعة الإسلامية ولكن من النصوص قطعية الدلالة قطعية الثبوت وليست على الأمور التي اجتهد فيها البشر وهي موضع خلاف بين الفقهاء، لأنه سيحمل الكثير من المعضلات التي تسبب الثغرات في الاحتكام له.

يحتوي نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية الخاص بالمملكة العربية السعودية، من المادة السادسة الآتي: «يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين كلُ شخص يرتكب أيًّا من الجرائم المعلوماتية، وأحدد النقطة الأولى وهي كما نصت عليه: «إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة، أو إعداده، أو إرساله، أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي» .

وربما يوجد للنظام لائحة تفسيرية محددة، ولكوني لا أعلم عنها لدي تساؤلات عن صياغة نص المادة في هذه النقطة بالتحديد.

وبما يخص القيم الدينية، تعرض لي مجموعة استفهامات:

هل هذه القيم الدينية متشابهة لجميع الأديان والمذاهب؟، وهل التي هدفها نقد الموروث المختلط بالتاريخ الإسلامي يمكن اعتباره إساءة وبالتالي مساس بهذه القيم الدينية؟

أو تلك القيم المتغيرة باختلاف العصور وأحوال الناس والوقائع، أو تلك المبنية على أخبار الآحاد، والجدير بالذكر أن إعادة النظر في بعض التفسيرات المبنية على نصوص دينية نُقلت إلينا وليست من كلام الله وما صح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن ما هو الفرق بين إعادة النظر في النص الديني والإساءة له؟، أيضًا الصياغة مبهمة ولم يتم تفصيلها.

أما الآداب العامة والحياة الخاصة فهي تختلف من فرد إلى فرد، ومن مجتمع صغير لمجتمع صغير آخر، وجب التوضيح أكثر كيف يكون المساس بها؟

وهل نحتكم للفرد أم لرأي القاضي وخلفيته المعرفية؟، كما أن الآداب العامة لدينا لم يتم تفنيدها، ويشير إليها الأغلب أنها الآداب الإسلامية الدينية، في حين أن الآداب العامة أمر مختلف تمامًا عن الآداب الدينية، لن أشرح الفرق، لكن مثلا كان الأكل في الأسواق يعد من خوارم المروءة ولا تقبل شهادته عند بعض المذاهب، والآن لا يكاد يوجد أحد لا يأكل في المطاعم والمقاهي المنتشرة في كل الشوارع.

أخيرًا: هل هذه المادة تم تفصيلها وتحديد حيثياتها في لائحة تفسيرية لمنع الاجتهادات القضائية أم تحتاج إلى تفسير وتوضيح؟