اعتدنا خلال شهر رمضان تجديد علاقتنا مع شاشة التلفزيون، بعد حالة من الفتور تصيبنا تجاهها طوال السنة، ولولا مواجهات كرة القدم لأصاب التلفزيون ما يصيب الصحف الورقية. حيث نشهد في رمضان ضخًا تلفزيونيًا كبيرًا جدًا، وتحديدًا (دراميًا)، و تتسابق القنوات فيما بينها لبث المسلسلات، ويزيد الضخ على الإنتاج الدرامي بشكل يفوق بقية شهور السنة، وحتى نخبة الفنانين تحرص على الوجود رمضانيًا باعتباره الموسم الذهبي لإنجاح أي عمل.

غير أن هناك تحولًا كبيرًا وملحوظًا حدث خلال السنوات الثلاث الماضية، باتجاه بوصلة القنوات نحو البرامج الحوارية وتقليص مساحة الدراما، وإذا استثنينا سنة كورونا التي أثرت كثيرًا في الإنتاج الدرامي، أسوة ببقية المجالات، نجد أن السنوات التي أعقبت ذلك العام، حولت الدورة البرامجية للعديد من القنوات في رمضان نحو الحوارات أكثر من الدراما.

ظاهرة تستوجب الوقوف عندها بشكل كبير، فسوء المحتوى الدرامي مؤخرًا، ساهم في عزوف نسب كبيرة من المشاهدين، علاوة على ضخامة التكلفة المالية للإنتاج في ظل تزايد أسعار معدات التصوير وأجور الفنانين وضعف السوق الإعلانية عن السابق، جميعها عوامل دفعت القنوات والمنتجين للذهاب للبرامج الحوارية.

ومن الأمور الملفتة أننا اعتدنا خلال رمضان أن تتجه ذهنية المتلقي نحو المحتوى الخفيف بعيدًا عن الأخبار الجادة والجافة، غير أن ضعف المحتوى الترفيهي إعلاميًا، بدل تلك القاعدة، فيمكن للجمهور أن يتسمر في رمضان لمتابعة لقاءات مع ضيف من النخب، سياسي أو اقتصادي أو مثقف.

التنافس المحموم والشرس بين البرامج الحوارية، على قنص الضيوف، ساهم بشكل أو بآخر في رفع مستوى البرامج الحوارية، وجودة اختيار الضيوف، إضافة لقوة الأسئلة المطروحة.

المؤشر بات صعبًا ويمثل تحديًا لأصحاب الأعمال الدرامية، فحجم متابعاتهم يتراجع، ناهيك عن المنافسة الكبيرة التي يجدونها من أصحاب المحتوى في شبكات التواصل الاجتماعي، مما ينذر باهتزاز عرشهم وفقدانهم الكثير من جماهيرهم، خصوصًا أن المتغيرات باتت أسرع من التنبؤات والتوقعات.