جعلت الاضطرابات المستمرة في أنحاء فرنسا العالم يترقب كيف سيطفئ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون غضب الاحتجاجات بعد رفعه سن التقاعد. وهل ستضر طريقته في مواجهة الاحتجاجات بصورته العالمية، حيث ينظر إليه النقاد والمحتجون على أنه غافل عن مزاج فرنسا المتوتر وهو متمسك بمواقفه. من جهة أخرى أثارت منظمات لحقوق الإنسان مخاوف من عنف الشرطة تجاه المحتجين.

ولاية ثانية

وجعل ماكرون تغييرات المعاشات التقاعدية المقترحة أولوية لولايته الثانية، بحجة أنها ضرورية لمنع نظام المعاشات التقاعدية من الانغماس في العجز حيث تواجه فرنسا، مثل عديد من الدول الأوروبية، معدلات مواليد أقل وطول متوسط العمر المتوقع. ولكن تحول الغضب من الخطة بشكل متزايد إلى معارضة أوسع لقيادة ماكرون.

وخلال فترة ولايته الأولى، أجرت حكومة ماكرون تغييرات أخرى قالت، إنها ستجعل سوق العمل الفرنسي أكثر مرونة وتنشط الاقتصاد. تضمنت تلك الإجراءات تسهيل تعيين العمال وفصلهم من العمل، وخفض الضرائب على الأعمال، وزيادة صعوبة مطالبة العاطلين عن العمل بالمزايا.

ويجادل النقاد بأن التغييرات تضعف شبكة الأمان الاجتماعي التي يُنظر إليها على أنها مركزية في أسلوب الحياة في فرنسا.

رفع السن

وقامت البلدان في جميع أنحاء أوروبا برفع سن التقاعد. وتختلف قواعد التقاعد بشكل كبير من بلد إلى آخر، مما يجعل المقارنات المباشرة صعبة. ويبلغ سن التقاعد الرسمي في الولايات المتحدة الآن 67 عامًا. وتتضمن خطة ماكرون تعديلات متعددة لنظام المعاشات التقاعدية المعقد في فرنسا. كما سيتطلب الأمر من الفرنسيين العمل لمدة 43 عامًا لكسب معاش تقاعدي كامل أو الانتظار حتى يبلغوا 67 عامًا، كما يدعو القانون الآن. واقترح المعارضون حلولاً أخرى، بما في ذلك فرض ضرائب أعلى على الأثرياء أو الشركات.

ومع ذلك، رفضت الحكومة النظر في ذلك، وأجبرت مشروع القانون على البرلمان الأسبوع الماضي، باستخدام سلطة دستورية، ويقوم المجلس الدستوري الفرنسي الآن بمراجعة النص. وأثار التمرير القسري غضب منتقدي ماكرون.

سلوك الاحتجاجات

وأدان ماكرون السلوك العنيف في بعض الاحتجاجات، قائلا «لا مكان للعنف في الديمقراطية». وقال إن «الفطرة السليمة والصداقة» تتطلب تأجيل زيارة الملك تشارلز، مضيفًا أنها كانت ستصبح على الأرجح هدفًا للاحتجاج، مما يخلق «وضعًا مقيتًا». وقال الرئيس الفرنسي في مؤتمر صحفي عقب قمة في بروكسل لن يكون من المعقول «إجراء زيارة دولة وسط الاحتجاجات». وقال إنه أخذ زمام المبادرة للاتصال بتشارلز، صباح الجمعة، وإنه من المرجح أن يتم إعادة تحديد موعد الزيارة في الصيف.

حيث كان تشارلز والملكة كاميلا يعتزمان زيارة كل من فرنسا وألمانيا خلال أول رحلة للملك إلى الخارج بصفته ملكًا لبريطانيا.

مخاوف العنف

وأثارت هيئة حقوق الإنسان الرئيسية في أوروبا، والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان (FIDH)، ومنظمة «مراسلون بلا حدود» التي تراقب وسائل الإعلام، مخاوف بشأن العنف الذي تمارسه الشرطة ضد ما كان حركة سلمية إلى حد كبير.

وقال وزير الداخلية جيرالد دارمانين، إن التحقيقات جارية في 11 شكوى تتعلق بالعنف المفرط من قبل الشرطة هذا الأسبوع.

وأضاف أنه تم إحراق 1000 سلة قمامة في العاصمة الفرنسية؛ حيث أصبحت حاويات القمامة المتدفقة رمزا للاحتجاجات خلال أسابيع من إضراب عمال الصرف الصحي.

وأثارت الحرائق في باريس، التي تم إشعالها عمدا في أزقة ضيقة، قلق المسؤولين والمقيمين في المدينة. وعمل رجال الإطفاء والسكان على إطفاء النيران التي ارتفعت إلى الطابق الثاني من مبنى سكني في منطقة Palais Royal الأنيقة.

وكانت مصافي النفط هدفاً آخر. حيث حاصر متظاهرون مستودع فوس سور مير للنفط بالقرب من مرسيليا لمنع الشاحنات من الدخول والخروج.

ومع ذلك، استؤنفت إمدادات الوقود إلى باريس من مصفاة Gonfreville-L›Orcher الكبيرة في نورماندي بعد تدخل الشرطة.

وخشية حدوث اضطرابات في الأيام المقبلة، طلبت هيئة الطيران المدني الفرنسية إلغاء ثلث الرحلات في مطار أورلي الثاني بباريس الأحد وبنسبة %20 الإثنين.