«ماش» كلمة شعبية تجري على ألسنة الناس، تعكس عدم رضاهم وسخريتهم من مشاهدات، ومواقف اعتراها الخلل، فتأتي ردود أفعالهم بما يشبه المضاد الحيوي سريع المفعول.

وترتفع أسهم «ماش» هذه الأيام في المجالس والمنتديات كتداول عفوي صادق لأغلب الأعمال الدرامية والإعلامية، التي طفحت بها بعض الفضائيات نتيجة لتفاهة المحتوى، تكرار الشخصيات، تسول الابتسامات، ضعف الأداء.

والمتلقي اليوم لم يعد يقبل أعمالًا تشبه تمثيليات وحوارات كان يشاهدها ويسمعها في حفلات المدارس الابتدائية أوائل السبعينيات الميلادية.

وحتى لو قلنا إن عالمنا العربي يعاني أزمة النص الكوميدي في الدراما فما ذنب المشاهد اليوم أن يُعاقب في وقت راحته بأعمال محتواها ثقالة ممثلين، إسفاف حوار، اغتصاب ابتسامة وحركات مخجلة.

ومنذ نصف قرن وأكثر وحتى اليوم لا نعرف من الذي اخترع سباق ازدحام المنتجين والممثلين والمخرجين كلما اقترب شهر رمضان شهر الرحمة والغفران؟ ولماذا رمضان بالذات؟.

وتمثل الكوميديا القاسم المشترك في المتابعة، لأنها فن راقٍ، وأفراد المجتمع بحاجة إلى التسلية والترويح عن النفس، وهو أمر مباح، ولكن بشرط أن يتماهى مع تراثنا وحكاياتنا الشعبية الجميلة، وتوفر كتاب أذكياء محترفين يلتقطون تفاصيل مشاهد عفوية تعج بها الحياة اليومية يمكن البناء عليها لأعمال كوميدية رائعة.

ويكاد يُجمع المتابعون على تحول البوصلة نحو الإعلام الجديد بعد الهبوط المتسارع للأعمال الفنية في الإعلام التقليدي من سنة إلى أخرى بشكل يدعو إلى الدهشة بدليل عودة المنتجين إلى الدفاتر القديمة شأنهم شأن التاجر الذي سقط في دائرة الإفلاس فيضطر إلى عرض بضاعة قديمة تجاوزها الزمن بمراحل، ليصبح محل استهزاء الناس وتندرهم وتحذيراتهم من التعامل معه.

وهناك من الإعلاميين والممثلين والمطربين والرياضيين ممن اعتزلوا في الوقت المناسب إما بسبب تقدم العمر أو لإدراكهم أنهم لن يقدموا أفضل مما قدموه في أوقات مضت فترسخت لهم في ذاكرة الناس صور المحبة والتقدير والتكريم.

والتاريخ القريب يحدثنا عن نجوم سقطوا وتلاشى تاريخهم وتعرضوا للهوان بسبب إصرارهم على الأضواء وأخذهم زمن غيرهم، ولهذا تغافلوا أن الفن رسالة وإبداع وذكاء، فإذا غاب أحد هذه الأضلاع اختل توازن العمل، فكيف إذا اختفى ضلع آخر؟ سنجد عملًا مشوهًا رُفع القلم عنه، وهذا الذي اتضح من عناوين الحلقات الأولى لتلك الأعمال.