شيع أبناء محافظة إب الشهيد حمدي عبدالرزاق الملقب بـ«المكحل» بطريقة مهيبة مرددين شعارات ثورية غاضبة «لا إله إلا الله الحوثي عدو الله والشهيد حبيب الله»، مزقوا شعارات ولافتات المليشيات ونصبوا العلم الجمهوري، اصطفّت النساء على الطرقات تزغرد وتهتف ضد المليشيات، هذه المشاهد الثورية الساخطة هي الحالة الحقيقة والتعبير الفعلي لملايين اليمنيين، واستفتاء شعبي في كل الجغرافيا اليمنية للسخط الواسع ضد الجماعة الكهنوتية التي قتلت وشردت اليمنيين.

خرج أبناء محافظة إب صغاراً وكباراً رجالاً ونساءً جميعهم يهتفون بصوت واحد «ارحل يا حوثي»، وأمام صلابة الحناجر الثائرة، أصيب الحوثيون بالرعب والخوف حاولوا بكل قبح إطلاق الرصاص الحي لتفريق المشيعين في المقبرة وهم يوارون البطل إلى مثواه الأخير، غير أن ثباتهم وغضبهم وإصرارهم كان أقوى بأساً.

تشاهد مليشيا الحوثي، للمرة الثانية، مصيرها المحتوم على أيدي أبناء الشعب اليمني وتمزيق صورهم وشعاراتهم السلالية، فالشعب اليمني ضاق ذرعاً بالانتهاكات واستلاب حريتهم وكرامتهم ومنعهم من التعبير عن آرائهم التي كفلها الدستور والقانون، ومحاولة فرض معتقدات طائفية عليهم تتنافى مع القيم الجمهورية وثورة السادس والعشرين من سبتمبر، التي اجتثت النظام الإمامي الكهنوتي البائد، والتي تحاول اليوم مليشيا الحوثي فرضه لتركيع وإذلال اليمنيين ونهب أموالهم وثرواتهم.

الشهيد المكحل هو صوت كل اليمنيين والمظلومين، والتشييع المهيب جاء في الوقت الذي تتوهم فيه مليشيا الحوثي أن سياسة القمع والإرهاب والتعذيب في الزنازين الحمراء ستمنع الأصوات المنادية بالحرية والكرامة والخروج من نفق الظلم والقهر والجوع والحرمان الذي يعيشه الناس منذ ثمان سنوات.

كعادتها، تحاول المليشيات التنصل من انتهاكاتها وجرائمها وتلفيق أكاذيب ضد الأبرياء، وبدت مكشوفة حين أفادت أن الشهيد البطل سقط وهو يحاول الهرب، فيما آثار التعذيب والضرب ظاهرة على وجهه، وهي جرائم جسيمة لن تسقط بالتقادم وسينال مرتكبو هذه الانتهاكات جزاءهم الرادع لامحالة.

نقولها للمرة الألف، إن أبناء اليمن قاطبة رافضون للمشروع الإمامي الكهنوتي، وإن مليشيا الحوثي عجزت تماما عن فرض معتقداتها السلالية والعنصرية على أبناء اليمن، وبالرغم من انتهاكاتها الواسعة لفرض أيديولوجيتها من خلال دوراتها الطائفية وإجبار الناس على الاستماع إلى محاضراتهم وملازمهم وخرافاتهم، وتغيير المناهج الدراسية وفرض مدونة السلوك العنصرية ومحاولة فصل الموظفين وإحلال العناصر السلالية، ومحاولة نهب الممتلكات وتشريد الناس التغيير الديموغرافي والتضييق على القطاع الخاص.

يتضاعف الغليان الشعبي وتقترب شرارة الثورة التي ستقتلع هذه الآفة التي أنهكت اليمن أرضاً وإنساناً، كلما أمعنت المليشيات الحوثية في انتهاكاتها في قتل الناشطين والأبرياء في السجون، وتزايد الاختطافات والاختفاءات القسرية والتعذيب، وتمادت في نهبها للأراضي والعقارات، وفرض جباياتها غير القانونية للمواطنين والتجار، وما رأيناه في محافظة إب الأبية اليوم إلا شرارة ثورة قادمة فهل سيكون البطل الرمز الشهيد المكحل هو شرارتها؟