نشرت الصحافة المحلية - قبل أيام - تقريرا عن عودة المتسولين مع دخول شهر رمضان، ولكن عودتهم هذه السنة جاءت بأساليب مختلفة عن السنوات الماضية وبحذر شديد، خاصة بعد إقرار نظام مكافحة التسول، ويؤكد التقرير أن معظم المتسولين، خاصة النساء يتجمعن أحيانا عند إشارات المرور قبل الإفطار وفي الأحياء المنزوية، بعيدًا عن وسط المدينة، وأحيانا أخرى في أوقات محددة في الليل، من ساعة إلى ساعتين.

السؤال: لماذا عادت ممارسة التسول إلى الواجهة، حتى ولو كانت في إطار ضيق؟

ما مسؤولية مؤسسات المجتمع المدني، في مشاركة الجهات الرسمية للحد من هذه الممارسة المقيتة؟

في الواقع «ظاهرة التسول» تعد من السمات غير الحضارية عند كل شعوب العالم، والتي يبدو أنه من الصعب التخلص منها، دون تعاون الجهات الرسمية والمواطنين، ومؤسسات المجتمع المدني، خاصة مع ازديادها - الظاهرة - كثيرا في المواسم الدينية، مثل شهر رمضان، وموسم الحج، بسبب قدسيتهما عند المسلمين، ورغبتهم في التقرب الى الله بالأعمال الصالحة وخاصة الصدقة. وذلك بغية البحث عن الأجر الأخروي، وفي الحال ذاته نجد أن الكثير من أصحاب النوايا الحسنة، غير عابئين بمختلف المضار الأمنية والاجتماعية، التي تحدثها طريقة طلب اكتساب الأجر هنا.

السعودية أقرت في تشريعاتها عقوبات واضحة ومحددة، حسب نظام مكافحة التسول وهي

«السجن 6 أشهر أو الغرامة 50 ألفا، أو بهما معا، لممتهن التسول أو المحرض عليه، والسجن سنة أو الغرامة 100 ألف، أو بهما، لمن يدير مجموعة من المتسولين، والإبعاد من المملكة ومنع دخول كل من امتهن التسول من الأجانب، بعد انقضاء فترة العقوبة».

هذه الأنظمة والتشريعات، هي مسؤولية وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، ولكن من الأهمية بمكان مشاركة مؤسسات المجتمع المدني، في اتخاذ تدابير إدارية، وإجراء دراسات بحثية في التصدي لهذه الممارسة، التي تتزايد ما بين كل فترة وأخرى، من قبيل إنشاء «مؤسسة أو جمعية لمكافحة التسول»، بحيث تكون مهامها «حصر أعداد المتسولين من الرجال والنساء والأطفال، وتحديد أعمارهم، مع دراسات بحثية ميدانية، وتوعية المجتمع بالأنظمة والتشريعات، والتواصل المستمر مع المؤسسات الخيرية».

أعتقد أن وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، لديها من الأعمال ما يكفي، ولكن تفعيل مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني، واعتماد دورها شريكا أساسيا مع الوزارة في رسم السياسات والإستراتيجيات، وصياغة برامج عمل لتعزيز الحوار والشراكة، التي تنهض بالمجتمع ككل، سيكون له دور واضح في التصدي لهذه الظاهرة، بحيث تتبلور علاقة هذه المؤسسات مع الوزارة،على أساس الثقة والاعتماد المتبادل بين الطرفين. بالإضافة إلى تعاون هذه المؤسسات مع هيئة حقوق الإنسان السعودية، وإعداد لجان تضم أعضاء من هيئة حقوق الإنسان، والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، مع جمعية مكافحة التسول، لمتابعة ومراقبة أعمال مكاتب وإدارات مكافحة التسول بمختلف المناطق، وإعداد تقارير دورية عن تشغيل الأطفال والنساء واستغلالهم في التسول، باعتباره نوعاً من المتاجرة بالبشر، التي تعد انتهاكاً صارخا لحقوق الطفل، وإهانة للإنسانية.