مرت زوبعة سريعة في شبكات التواصل الاجتماعي الأيام الماضية، ولا أعرف إذا ما كانت مستمرة أو بدأت تنحسر وتتلاشى. وهي مشاركة الجميع تجاربهم مع ذكاء الآلة، وتحديدًا في شبكة سناب تشات (بوت سناب) وبدأ الموضوع في اختبار قدرة تلك الآلة على معرفة الأشخاص وتاريخهم وغيرها. شخصيًا سألته ما إذا كان يعرفني؟ وسألته عن اسمي فقال بسرعة وثقة إنني (ماجد الجريوي رجل أعمال معروف ورائد أعمال أسس العديد من الشركات في قطاعات مهمة مثل التكنولوجيا والمال والاستثمار بما في ذلك شركة STV وهي واحدة من أكبر صناديق رأس المال المخاطر في الشرق الأوسط، كما أنني عضو مجلس إدارة في العديد من الشركات والمنظمات مثل الهيئة العامة للاستثمار السعودي واللجنة الأولمبية السعودية)، كم كانت الحياة وردية مع هذه الآلة وتمنيت لو أنها صدقت ولو لفترة مؤقتة.

وهنا لعلي أتذكر تجربة أخرى مختلفة بعض الشيء في روبوت يزعم أنه ذكي، يقدم الأكل للزبائن في أحد المطاعم معتمدًا على برمجته بأرقام الطاولات. بعدما أقبل علينا ورفعنا هواتفنا لتوثيق هذه اللحظة وجدناه توجه إلى المغاسل بدل التوجه لطاولتنا، ثم أخذ النادل الأكل بيده وقدمه بنفسه تاركًا الآلة خلفه.

هذه التجارب المثيرة التي حدثت معي ومع الكثير من المستخدمين مع الآلة وذكائها، أعادتني إلى لقاء الزميل عبدالله المديفر مع الدكتور خالد الغنيم وحديثه الشائق عن هذا الموضوع، حيث ذكر نقطة في غاية الأهمية تلخص كل ما يدور حول الموضوع من انبهار واستغراب من جهة، وجدل وعشوائية معلومات من جهة أخرى، وهي (الشرح والتبرير)، أي أن تجيبنا الآلة لماذا اتخذت هذا القرار. فنماذج ذكاء الآلة الموجودة الآن سواء كان بوت سناب أو حتى تشات جي بي تي المتقدم مقارنة بغيره من النماذج، كلها معتمدة ومبنية على ما يسمى (بشبكات العصبية الصناعية) أي وضع مدخلات معينة في الآلة وتدريبها وبرمجتها للحصول على مخرجات، فلن تستطيع الآلة شرح قراراتها والتبرير لماذا أخذت قرارًا دون غيره.

فتشات جي بي تي وغيرها ما هي إلا نماذج تنبؤية مبرمجة تعطينا تلميحات عن كلمات بتسلسل معين فقط، بدعم من الإنسان في الأساس.

أما عن خوف الإنسان من استبداله بالآلة فما زالت هناك زوايا لن تستطيع الآلة التنافس مع الإنسان فيها مثل الأخلاقيات وغيرها، ثم إن بعض وظائف الآلة تؤديها اليوم بدلًا من الإنسان، لأنها روتينية وسهلة البرمجة.

اليوم أيضًا توجد الكثير من الوظائف التي يؤديها الإنسان لم نكن نسمع عنها في الماضي. المثير في تجارب الآلة بشكل عام أننا وبعد فترة من الزمان من الاعتماد عليها، سنبحث مجددًا عن أنسنتها والبحث مرة أخرى عن مشاعر من الجمادات، فصراع الإنسان/الآلة مستمر.