نشاهد اليوم توجها في عدد من دول العالم نحو استبدال العقوبات الجسدية الحابسة للحرية بالعقوبات الاقتصادية لأن تلك الأخيرة تحقق الغرض من عدة نواح إصلاحية وتسهم في دعم الميزانيات لتحقيق أهداف الصالح العام.

غرض العقوبة في القوانين الجنائية الإصلاح والتأهيل، ولكن هل التأهيل والإصلاح يتمان فقط عبر السجون؟.

من المعلوم أن للسجون ودور الإصلاح تكاليف باهظة جدا بل إن بعض الدول عادت لأحكام الإعدام ليس فقط بسبب كثرة الجرائم بل للنواحي الاقتصادية.

من جهة أخرى نجد في الولايات المتحدة وبسبب وجهات النظر الليبرالية فإن الحكم بالإعدام يكلف أكثر من الحكم بالسجن مدى الحياة! لأن هناك تكاليف خفية منها التكاليف القضائية للولاية والتكاليف الفيدرالية، ومستوى التمثيل القانوني والقضائي يختلف، كما أن تلك القضايا تأخذ وقتا طويلا في الحكم وكذلك في التنفيذ تحسبا لظهور دليل محتمل قد يكون سبب براءة هذا الإنسان، لكن هذه حالة الولايات المتحدة وتحتاج دراسة دقيقة بأقل قدر من التحيز.

وفي المملكة العربية السعودية رأينا تجربة ساهر من الناحية العقابية الاقتصادية وكيف ساهم في التقليل من الحوادث المرورية وضبط سلوك قائدي السيارات، وهي المحصلة النهائية التي أفادت المجتمع.

نعم لقد قاوم البعض فكرة ساهر نظرا للتأثيرات الاقتصادية لكن ما يهم هنا هو فكرة ربط التأثير الاقتصادي الذي يؤدي نفس هدف العقوبة الجنائية الحابسة للحرية، ففي بعض القضايا الجنائية قد يكون من الأصلح أن تكون هناك عقوبات بديلة ومن ضمنها عقوبات اقتصادية تراعي حالة المحكوم عليه بحكم نهائي ولكنها تؤدبه، ولهذه الطريقة فوائد منها أن الأموال المستحصلة تستخدم في الصالح العام للاستفادة وإعادة توظيفها لخدمة المجتمع ومنها إصلاح المجرم وإعادة تأهيله للعودة للمجتمع، وهنا تظهر مشكلة أخرى وهي أن بعض المحكوم عليهم يعانون اقتصاديا ولا يملكون المال، لهذا يحتاج مثل هذا الأمر إلى دراسة، بحيث لا تستهدف هذه السياسة الجنائية في إطارها التنفيذي المجرمين ذوي الدخل المنخفض، فهناك مجرمون ذوو دخل مرتفع وقد تستهدفهم مثل هذه الفكرة.