من البديهي وجود أهداف للمنشأة أو الجهة المعنية وتكليف مجموعة من الأفراد بتنفيذها، وتقسيم هذه الأهداف عليهم وتحديد تاريخ لتنفيذها، ولكن ذلك يختلف عما يطلق عليه خطة إستراتيجية.

هناك بعض المنشآت التي تعتمد في تنفيذ أهدافها على شركات استشارية وشركات منفذة بعقود مكلفة جدا، والنتيجة المحصلة بالحد الأدنى، ولن تجد نتيجة مميزة إلا مع الشركات العالمية والتي عقودها تتكاثر بها الأصفار يميناً فهل سيبقى الحال على ما هو عليه؟

غياب الخطة الإستراتيجية تخبط مكلف جدا، لأن نجاح مشروع تم تنفيذه من شركات خارجية لا يعني استمرار هذا النجاح إلا باستمرار الاستنزاف المالي غير المدروس. الأموال التي تُضخ لأجل إنجاح مشروعٍ ما يمكن توفيره لمشاريع أخرى مع الحفاظ على نتيجة ممتازة في المشروع الحالي، خطر الاعتماد على شركات منفذة أكبر من المشروع الذي تعمل عليه؛ خطرة على المنظومة الاقتصادية لدينا، حيث تبقى الجهات وموظفيها دون تطور، ويزيد الاستنزاف المالي مهما طورت هذه الجهات الاستثمار في أصولها المملوكة، وسيبقى هنا فواتير تدفع كل مرة لتحقيق هدف أصيل من أهداف هذه الجهات. إذا ما الفائدة من موظفيها الذين تحولوا إلى مشرفين على هذه الجهات؟

اهتمامنا بالفوز السريع وعمل استفتاءات غير محكمة للبحث عن أرقام غير دقيقة نتداولها إعلاميا أمر مضر على المدى البعيد، وسأضرب مثالا بسيطا جدا. إنشاء القطاع غير الربحي للجهات الذي يعنى بشكل مباشر بتحسين جودة الحياة للأفراد والمجتمع، إقرارها يعد نجاحا وأرقامها في مبادراتها تميز منقطع النظير، لكن على المدى البعيد لن يرى الفرد البسيط تغيير ملحوظ على جودة حياته، لأن هذه القطاعات هدفها واحد ولكن تخصصها مختلف، وبالتالي تحتاج إلى خطة إستراتيجية لمسار مبادراتها والتعاون بينها لنتيجة ملموسة يراها الجميع ويلمسها المجتمع بجميع شرائحه.

لتصحيح الوضع الحالي نحتاج إلى خطوتين، الأولى تعاون الجهات المعنية كل باختصاصه، والثانية رسم خطة إستراتيجية لهذا التعاون، مع الأخذ بعين الاعتبار تدريب الموظفين مع هذه الشركات المنفذة طوال فترة المشاريع، وبالتالي نضمن انتقال الخبرة منهم إلى أبنائنا العاملين في هذه الجهة، ومع التدريب الوظيفي المتخصص مع الشركات الرائدة في مجالها؛ نضمن اعتمادنا مستقبلا على خبراتنا المكتسبة، وتقل حاجتنا إلى التعاقد مع منفذين خارج المنظومة لتحقيق أهدافها! هنا يتم تقنين عملية التعاقد وتصبح محصورة على كل ما هو جديد أو في طور التأسيس.

أخيرا

الإدارة تحتاج إلى مهارات التحليل والربط والتثبيت، وليس التعميد والبند والإكسل شيت!