تلقت الأم اتصالًا من رقم مجهول، وما إن فتحت الخط حتى سمعت طفلتها تصرخ وتستنجد بكلمات تنبئ عن أن موتها وشيك ما لم تهرع الأم وتحول للعصابة الخاطفة مبلغًا من المال قبل انتهاء المهلة المحددة، وإلا فسيقطعون الطفلة إربًا، وإن أبلغت الأم الشرطة فسيقتلون طفلتها فورًا. المهم أن تلك الأم خرجت من منزلها مصدومة لا تعرف ما تفعل، وسمعتها جارتها وهي تتفاوض مع العصابة وهي في حالة عصبية جعلتها غير قادرة على التصرف، فأبلغت الجارة الشرطة لتدخل الـ FBI على الخط، وتتحقق من الأمر بالتواصل مع الأم وسؤالها عن آخر مكان للطفلة، فأبلغتهم أنها كانت في ناد رياضي ترتاده للسباحة، وبعد مداهمة الشرطة النادي إذا بالطفلة تغطس في المسبح وتكمل دروسها بهدوء وأمان. وبالعودة للأم واتهامها بـ (الخرف) إذا بجوالها يرن مرة أخرى وإذا بصراخ طفلتها يزداد. تتبعت الـ FBI الصوت فإذا به مسجل بإحدى تقنيات الذكاء الاصطناعي. وفي التفاصيل أن العصابة تتابع أطفال بعض الأغنياء والشخصيات المهمة، تسجل أصواتهم عدة مرات مختلفة، مثل حديثهم على مقاطع التواصل الاجتماعي كـ (تيك توك) وغيره، حتى يتعرف الذكاء الاصطناعي على نبرة صوت الطفل بكل دقة ويقلده بجودة مطابقة للأصل، ويمكن حينها تسجيل أي صوت بأي طريقة فيخرجه الذكاء الاصطناعي بنبرة صوت الطفل المستهدف. وتحرص العصابة على متابعة الطفل حتى تتأكد من أنه سيغيب عن هاتفه المحمول لفترة من الوقت مثل السباحة وغيرها، وتبث العصابة الرعب والهلع السريعين في قلب أحد والدي الطفل لابتزازهما ماليًا، دون أن تتكلف باختطاف طفل، وما يحتاجه من تنظيم ومكان ناء ودقة في توقيت ومكان الاختطاف، والقدرة على الهجوم المباغت وإطلاق الرصاص و.... إلخ من مشاهد أكشن الاختطاف السابقة، حتى تأتي اللحظة المهمة بالاتصال بأسرة الطفل وإسماعهم صراخه، بعد أسابيع من التخطيط وآلاف الدولارات لجلب وتوفير الاحتياجات اللوجستية للخطف. اليوم يتم الوصول لكل ذلك عن طريق شخص لم يغادر غرفة مغلقة باستخدام برامج الذكاء الاصطناعي.

ما أريد قوله إننا نعيش في عصر طفرة للذكاء الاصطناعي لا يعرف الأغلب منا عنها إلا ما قد يكون ظهر في برنامج سناب الشات - مثلا - والذي نسأله أي سؤال فيجيب بشكل غريب وكأنه صديق ملازم لنا، ولم يتعد تفكير بعضنا عنه سوى كونه إضافة للـ«الطقطقة» والوناسة، ولكن لا نعرف أننا فئران تجارب لزيادة جودة مخرجات تلك البرامج، لا نعرف أنه يمكن لتلك البرامج في أتفه تقنياتها أن تظهرنا بالصوت والصورة ونحن نسب ونشتم ونتحدث بما تريد تلك البرامج أن تخرجنا به، وبالتالي فقد يزج بنا في جرائم لا ناقة لنا ولا جمل فيها، مثلما تم (اختطاف الطفلة بصوتها).