نشرت الصحف المحلية قبل أيام أسباب ومبررات مطالبة مجلس الشورى وبالأغلبية بإعادة النظر في تطبيق نظام الفصول الأكاديمية الثلاثة على الجامعات السعودية ونظام المسارات على مدارس الثانوية العامة، وقد بدأت المطالبة من قبل مجلس الشورى قبل عام وتحديدا في 20 يوليو 2022 وتعود أسباب هذه المطالبة لاطلاع لجنة التعليم والبحث العلمي بالمجلس على عديد وكثير من الدراسات المحلية التي أعدت في بعض الجامعات السعودية وكذلك الجامعات العالمية، التي أظهرت أن الغالبية العظمى من جامعات العالم تطبق النظام النصفي، وأظهرت كذلك أن 90 % إلى 95 % من الجامعات الأمريكية على وجه الخصوص تطبق النظام النصفي.

لم أسمع أو أقرأ من التعليم سوى هذا الخبر الذي صدر قبل عام وهو «كشفت مصادر مطلعة في وزارة التعليم، أنه لا صحة لما تم تداوله حول موافقة وزير التعليم على توصية مجلس الشورى إلغاء نظام الفصول الثلاثة في السنة الدراسية الجديدة في العام الدراسي المقبل، مؤكدة أنه لم يصدر عن الوزارة أي موافقة حتى هذه اللحظة»، مع العلم أن مجلس الشورى لم يطالب التعليم بإلغاء الفصول الثلاثة في توصيته بل إعادة النظر في تطبيق نظام الفصول الأكاديمية الثلاثة. وهنا يأتي السؤال المشروع: ما حيثيات هذا النوع من التعليم؟ أين الدراسات العلمية المحلية في المملكة التي وقفت على هذا النوع من التعليم الجديد؟ أين هي المعاهد العلمية ومراكز الدراسات؟ اليوم أصبحت كثير من القرارات المفصلية في المملكة؛ مبنية على نتائج دراسات وبحوث معمقة، كما أن قراءة المستقبل، والتنبؤ بأزماته، ومتغيراته، والاستعداد له، لا يتم إلا من خلال الدراسات الاستشرافية المستقبلية، بالاعتماد على أساليب علم المستقبل، ومنهجيات البحث العلمي. إن أهم أدوات التقدم في التعليم وفي تجربة الفصول الدراسية الثلاثة تحديدا مرهونة بالتقدم في مجال البحث العلمي، في داخل الميدان، والتجارب العالمية تؤكد ذلك، وإن لم يتم هذا الاهتمام بالبحث العلمي؛ فإننا سنبقى في منطقة التقليد والاستهلاك، ولن يصل تعليمنا لمستوى القياس العالمي الذي نطمح له، وبالتالي لا تبقى أي أهمية تذكر بالتغني في وسائل الإعلام برقي الجامعات وأحجامها وأعدادها، من حيث التصنيف والمراكز العلمية التي أحرزتها بل بالفعل الحقيقي، والمنجز المتحقق على أرض الواقع. أغلب جامعاتنا السعودية التي حققت مراكز متقدمة لم أر أيا منها قامت بعمل دراسة بحثية بشأن تطبيق الفصول الأكاديمية الثلاثة. عامان دراسيان أعتقد أنها فترة كافية لدراسة التجربة، لا يكفي فقط الاستشهاد بالدراسات العالمية وإن كانت مهمة، لكن أين دراساتنا من داخل الميدان التعليمي؟ المملكة لديها خطط ورؤية ولها مرحلتها فليس من الفراسة أن تأخذ تعليما لدولة ما متطورة ومتقدمة ونسقطه إسقاطا علينا فلنا أهدافنا ومرحلتنا، وكأننا بذلك نستنطق الدراسة النظرية ولا نستنطق واقعنا؟

لم أقرأ عن الوزارة سوى عموميات، من قبيل إبقاء الطلبة في عمليات تعليم بنائي مستمر وفعال لمعارفهم وصقل مهاراتهم مع تقليص الانقطاعات الطويلة، والتركيز على إعدادهم في جميع المراحل التعليمية لامتلاك مقومات الاقتصاد المعرفي، والربط بين المهارات والقدرات والاحتياجات الفعلية لسوق العمل.

وحيث إنه لم يتم إعداد دراسة تحليلية حول تجربة الفصول الدراسية، ولا تزال تلك الأدلة عامة وغير مجمعة في دراسة واحدة. أرى من الضرورة أهمية الأخذ بشكل جاد برأي الشورى في إعادة النظر في تطبيق الفصول الثلاثة، أما الآراء الشخصية والانطباعات الفردية من قبل بعض المسؤولين فلا محل له، فليس من الخطأ أن نراجع ونصحح، ولكن الخطأ أن نستمر هكذا ونصر على مسار لا يستند على دراسة لتقييم الواقع التعليمي.