بينما كنت أقلب وأتقلب بين مواقع التواصل الاجتماعي، لفتني خبر عن شاحنات الطعام في الولايات المتحدة الأمريكية أو ما يطلق عليه عندنا «الفود ترك»، يتحدث الخبر عن مشاركة المطاعم الشهيرة ذات العلامات التجارية المعروفة في أمريكا في مجال الشاحنات الغذائية مثل مطعم «كاتز ديلي» في مدينة نيويورك، وكذلك شاحنات الطعام الصحي للرياضيين والمهتمين بالسعرات الحرارية التي تحظى باهتمام في كاليفورنيا، وأنها توفر حلًا تسويقيًا منخفض التكلفة وعالي التأثير. اليوم تقام عدة مهرجانات لعربات الطعام في معظم الولايات الأمريكية وتحظى بشعبية كبيرة، يبدو أن «الفود ترك» تحول عندهم إلى صناعة راسخة، فأغلب الولايات تتسابق لإظهار أفضل المزايا، فالتكنولوجيا ميزة أخرى تستفيد منها شاحنات الطعام. على سبيل المثال، شاحنات الطعام تقدم خدمة Wi-Fi مجانية.

قبل أيام تواصلت مع إحدى السيدات السعوديات الممولات لهذه العربات، وذكرت أن نصف هذه العربات في جدة - مثلًا- أغلقت بعد خسائر مستمرة.. صحيح قد يكون بعضها أغلق لأسباب تسويقية أو تجارية، ولكن السبب الرئيس هو (الخدمات البلدية)، وهي تتكلم عن العربات وليس السيارات المتجولة، على سبيل المثال حي «المروة» وهو من أكبر أحياء جدة وبه أكبر تجمع للعربات حاليًا، توجد ثلاثة أراضي ضخمة، سمح بوقوف العربات فيها.. لكن أين الخدمات البلدية؟

تقول السيدة: إن أكبر مشكلة تواجهها هي والمهتمين بهذا المجال، سرقة المولدات الكهربائية وسعرها يتراوح مابين 4 إلى 8 آلاف ريال، فسألتها هل أفهم بأنه لا توجد كهرباء؟ فقالت، (نعم بل إن تعبئة البنزين المرهقة يوميا للمولد الكهربائي الواحد تكلف ما بين 900 إلى 1000 ريال شهريًا، هذا غير الخطورة الناتجة عن التعبئة اليومية خاصة في فصل الصيف، بحيث لا تزيد مدة التشغيل عن 6 ساعات فقط من أجل توفير البنزين).

ثم تكمل السيدة، (أنه يمنع وضع كراسي قرب العربة رغم أن الأراضي متسعة، وأن المخالف يعرض نفسه لدفع غرامة مالية، بالإضافة إلى شوارعها المظلمة والتي لا توجد بها إنارة، وهي في الحال ذاته ليست مسفلتة ولا معبدة ولا توجد حتى كراسي عامة).

ثم سألتها عن دورات المياه فأجابت: للأسف لا توجد دورات مياه عامة - أكرمكم الله-، وأضافت (المفارقة، الجولات المتكررة لموظفي البلدية وفرض الغرامات على أبسط الأشياء التي قد تصل للإغلاق، في حين تتساءل: ماذا فعلت البلدية لنا، ونحن ندفع رسومًا سنوية، وقبلها رسومًا للوحات والكارت الصحي إلخ..؟

والنتيجة النهائية أن أصحاب «الفود ترك» رفعوا أسعار منتجاتهم من أجل تغطية نفقات المولد الكهربائي بسبب قلة المشترين، وهذا يعد خطأ كبيرًا لأنه ينافي ثقافة وجود العربات الجوهرية وهي بيع طعام غير مكلف.

أخيرًا أقول: لدينا كل الإمكانيات والقدرات لأن نكون الأفضل، فقط علينا أن نعترف بقصورنا ونقوم بالمعالجة الفورية. البلديات في المملكة عليها مسؤولية في تسهيل الإجراءات في هذا المجال، فالحلول البيروقراطية وفرض غرامات، قد تعني عدم رغبة المسؤول بهذا النوع من الاستثمار الناشئ عندنا والذي أصبح صناعة في كثير من الدول المتقدمة.

لا نريد أن تختفي هذه العربات من شوارعنا بل يجب وضع تنظيمات وتشريعات، وتأهيل من يتابعها من موظفي البلديات. المطالب بسيطة جدا اسمحوا بوجود الكراسي وسفلتوا الشوارع وهيئوا الأراضي بالإنارة ووفروا الكهرباء حتى لا نسمع بالسرقات المتكررة. حينها ستقل الخسائر، وسننعم قريبا بمهرجانات كبيرة لعربات المطاعم في المملكة.