حتى "الصِفر" أقصد "مِستر زيرو" الذي درسناه بحصص الرياضيات على أنه ابتكار عربي لم يكن قبله ولا بعده كـ"صِفرنا العربي"، المنسوب اكتشافه للعالم الرياضي الفيلسوف الخوارزمي ليُصبح "أغنية" نُغنيها "طالعين.. نازلين" مفتخرين بالصفر الأصيل، إلا أنه ظهر غير ذلك!! فإلى أسابيع قليلة اعتقدتُ ذلك، حتى قرأت بعض المقالات التاريخية حول "الصفر"، وعرفت أن أكثرهم يرجحون أنه اكتشاف للهنود في مطلع القرن الخامس ق.م، استخدموه كدائرة أو نقطة رمزا للصفر، وسموه "سونيا"، أي الفراغ، لكن بعض العلماء قالوا إن أول من استخدمه البابليون، ولم يكن ذا قيمة عددية، هناك من قال: الصينيون اكتشفوه في القرن الخامس ق.م. وحضارة المايا لها نصيب بهذه الأقاويل، فقيل اكتشفوه قبل معرفة أوروبا به بألفي عام، لكنهم رمزوا له بشكل "حلزوني"، وكثرت الأقاويل وخرجنا من الصفر "صفر اليدين"!

والحقيقة التي لا شك فنها أن المسلمين العرب هُم من أعطوه قيمة حقيقية. طبعا لا أقصد قيمة العرب "اليوم" كمستهلكين لا منتجين يقفون في آخر طابور التكنولوجيا والتقدم الاجتماعي والحضاري الذي يقوده بعض مكتشفي الصفر الحقيقيين، فالعبقري المسلم الخوارزمي (من أصول غير عربية) هو من طوّره وأعطاه قيمة عددية، وهو لم يبتكره من "عدم" كما زعم بعضهم، بل وجده أثناء ترجمته وشرحه لكتاب حساب "السند هند" تأليف العالم الهندي "براهما جوبتا"، وقد لاحظ أن الهنود يستخدمون نقطة أو ثقبا محل الرقم العاشر بعد الأرقام التسعة الأولى، فكان للخوارزمي فضل تطويره بأن أعطاه بعدا فلسفيا وقيمة عددية وحدد موضعه في خانة الآحاد والعشرات والمئات.. وهكذا.

وأتساءل هنا: لماذا تم "تلقيننا" عبر تاريخنا العربي أن الصفر "عربي بامتياز؟!" ربما ليكون له معنى في حياة "المواطن العربي"، فيعزز لديه شعورا بقيمته كمواطن "صفر" يعيش حياة الأمية الثقافية والتأخر الحضاري...إلخ.. إنه سيفخر حين يخرج من معركته مع قوى الفساد أيا كان في مجتمعاته "صفر اليدين"! على الأقل يخرج ومعه "صفر" في يديه! لكن هناك من تناسى أن مجموع مواطنين بهوية "صفر" سيشكل قيمة عددية أكبر كلما تنامت الأصفار، على رأي المسلم الخوارزمي، بجانب رقم/صوت، هؤلاء (المواطنين الأصفار).. هم من شكلوا ثورة الياسمين التونسية وميدان التحرير المصرية وغيرها من الثورات العربية، حيث خرج الأصفار وتجاوروا بعضهم ببعض بجانب (صوت واحد/ رقم 1) فكانت المليونية! إلا أن ما نخشاه اليوم بعد مرور عام ونصف عليها أن يبقى تأثير الصفر كقيمة دونية في نفس وتفكير المواطن العربي لا كقيمة علوية يتم تعزيزها بعد اكتشافها، فيخرجون منها بأصفار "تحت الصفر"!.

أخيرا، أنقل لكم فيلما كرتونيا عن "مستر صفر" أعجبني ويستحق المشاهدة.

http://www.youtube.com/watch?v=IY-MLoosSU0&feature=related