هل سبق لك أن صادفت شخصًا اتخذ قرارًا أرعن أو تفوه أو تصرف بحماقة؟ هل تتساءل لماذا بعض الناس، من ضمنهم أنت، أحيانًا لا يتعلمون من أخطائهم؟ غالبًا ما تُستخدم عبارة «لا يمكنك إصلاح الغباء» لوصف المواقف التي يبدو من المستحيل فيها مساعدة شخص يتخذ قرارات غير ذكية باستمرار، ولكن هل راجعت نفسك وشريط حياتك؟ ألم تجد أنك أنت أيضًا قد قمت بذلك لمرات لا تستطيع أن تحصيها؟!

جرب أن تدخل ذاك السرداب المظلم في ذاكرتك واسترجع منه بعض القصص التي أحرجتك أو أحرجت من حولك بسبب لحظة اتخذت فيها قرارًا وضعك في دائرة الحرج، بالنسبة لي كنت قد ذكرت بعضها لكم في مقالة سابقة تحدثت فيها عن طبيعة أن نتذكر مواقف مضحكة ومحرجة لنا، وأن نضحك على أنفسنا بدلًا من أن نتخذ من سلوكيات الغير تسلية لنا!

عندما لا تعرف صاحب الموقف المضحك وتضحك مع الراوي لا أظن أن هنالك أي مشكلة، مثل الحالات التالية:

حدث أن رجلًا كان يقود سيارته عندما رأى وميض كاميرا مرور. اعتقد أن صورته قد التقطت لتجاوز الحد الأقصى، على الرغم من أنه كان يعلم أنه لم يكن مسرعًا.. وللتأكد فقط، دار حول المبنى وتجاوز المكان نفسه بشكل أبطأ، ولكن مرة أخرى رأى الكاميرا تومض! بدأ الآن يعتقد أن هذا كان مضحكًا للغاية، لذلك عاود الكرة مرة ثالثة ورابعة بالنتيجة نفسها.. فعل هذا للمرة الخامسة ولم يستطع أن يمسك نفسه من القهقهة بصوت عال عندما رأى وميض الكاميرا وهو يتدحرج كالحلزون أمامها.. بعد أسبوعين، تلقى خمس مخالفات سير في البريد للقيادة دون حزام أمان!

حدثنا أحدهم: لم أتمكن من العثور على حقائبي في منطقة الأمتعة بالمطار وذهبت إلى مكتب الأمتعة المفقودة وأبلغت عن فقدانها. ابتسمت الموظفة هناك وقالت لي بألّا أقلق لأنها كانت مجهزة وخبيرة لهذا فأنا بين أيدٍ أمينة. ثم سألتني: «أولًا... هل وصلت طائرتك؟»

وذكر آخر: ذات يوم بينما كنت أسير على الشاطئ مع بعض الأصدقاء صرخ أحدهم.. «انظروا طائر ميت!» نظر أحدهم إلى السماء وقال... «أين؟»

وأخبرتنا زميلة عمل: «لدى أختي أداة إنقاذ في سيارتها مصممة لقطع حزام الأمان في حال وقع لها حادث ولم تستطع فك الحزام.. إنها تحتفظ به في صندوق السيارة»!

ولا أظن أن هنالك مشكلة بالضحك عندما يحدثك صاحب الشأن بقصة محرجة أو مضحكة، فهو يعلم بل يريد منك أن تضحك معه لأنه بالتأكيد تعلم من الموقف وإلا لما ذكره، مثلما سأفعل أنا الآن:

في بداية زواجي أردت أن أسلق بيضة في «المايكرويف»، وحسب معرفتي بأن الأشعة تدخل إلى الطعام كي ينضج، وبناءً على قريحتي الفذة، حكمت بأنه لا يستوجب وضع الماء! وبعدما وضعت البيض في الجهاز وأدرته، لم تمر ثوانٍ حتى سمعت ما يشبه الانفجار.. لقد رسبت يومها في مادة «أبلة نظيرة» وأمام ناظري زوجي!

وفي المرحلة نفسها وعندما كنت طالبة في الصف الحادي عشر، تجهزت ذات صباح يوم بارد للذهاب للمدرسة، كنت قد حصلت للتو على رخصة القيادة بعد أن أنهيت كورس يقدم للطلبة في المدرسة نفسها، المهم ركبت سيارتي ولكن لشدة البرد، أردت أن أبقى في قوقعة الدفء فأدرت محرك السيارة وأنا بداخلها في «كراج المنزل» والأبواب مغلقة! كنت في أشد النعاس.. أرتعش من البرد، ولم أنتبه إلى أن المكان قد امتلأ بغاز أول أكسيد الكربون! ماذا حدث؟! ألا يقال: «عمر الشقي بقي»! يومها صادف أن استيقظ زوجي باكرًا ودخل المطبخ الذي كان ملاصقًا «للكراج»، وسمع صوت المحرك، ففتح الباب وشهد بأم عينه للمرة «الطعش» بعد المائة.. جهلي!

عندما نواجه تصرفات غير منطقية ومضحكة، فمن المهم أن نحاول رؤية الأشياء من وجهة نظرهم. ربما يمرون بيوم سيئ، أو ربما لا يشعرون على ما يرام، أو ربما لا يتمتعون بنفس المستوى من المعرفة أو الخبرة التي نمتلكها، أو ربما استجابة لقريحة فذة كالحالات التي مررت بها و.. كثيرًا! قد يكون سهلًا علينا تصنيف موقف لشخص ما على أنه مضحك، ولكن لنتذكر أن لدينا جميعًا لحظات مضحكة، وعليه يجب ألّا نستخدم غيرنا أدوات استهزاء أو تسلية لنا، كما يجب أن نبتعد عن القسوة وأن نحاول التحلي بالصبر والتفهم، حتى لو شعرنا بالإحباط أو الغضب حينها، خاصة وإن كان يتوجب عليك معاشرتهم في بيئة العمل أو داخل دائرة الأسرة أو الأصدقاء، بدلًا من استخدام الظرف للضحك والاستهزاء أو الغضب والتوبيخ، لنضبط أعصابنا، على الرغم من صعوبة ذلك في لحظتها، ولكن الناتج والتأثير السلبي في المتلقي يحتم علينا أن نجرب ذلك حتى نتمكن منه، ثم لنحاول أن نساعدهم على فهم الموقف وشرح التوجيه الصحيح، وربما لاحقًا تضحكون سويًا على الحادثة.

لنتذكر أننا جميعًا نرتكب أخطاء؛ نقول أو نرتكب تصرفات «غبية» في مرحلة ما من حياتنا، لكنها جزء من التجربة الإنسانية، ويمكننا جميعًا التعلم منها.. والآن هل طرأ على بالكم أي من هذه التصرفات؟ هل ساعدت في رسم ابتسامة على وجوهكم؟ تستحقونها فأنتم بشر!