في الآونة الأخيرة وبصورة قوية، تطرقت وسائل الإعلام المحلية المرئية منها والمسموعة للحديث عن قضية المواد المخدرة، موضع اهتمام الدولة وسعيها الدؤوب -حفظها الله- للقضاء على هذه الآفة، وهي قضية بحق تستحق أن يتطرق إليها الإعلام، وتستحق أن تُسلط عليها الأضواء مراراً وتكراراً، بعد أن أخذ هذا الداء يستعر ويستشري ضرره ضراوة بصورة لافتة، فضرره الكبير جداً لم يعد يقتصر على متعاطيه فحسب بل تعدى هذا الضرر ليلحق بالمجتمع برمته، ومما يثلج الصدر على قدر الألم قوة اليد الضاربة لقوى الأمن التي تسطر كل يوم أروع إنجازته في ضبط كميات كبيرة من المخدرات، قبل أن تصل إلى مروحيها.

الكثير من كتاب المقالات الصحفية تطرقوا للحديث عنها وشددوا في التحذير من عواقبها أو حتى عواقب التفكير في تجربتها، والباعث غريزة الفضول وحب الاستطلاع.

على رأس قائمة تلك المخدرات والتي أخذت زخماً كبيراً في الحديث عنها هذه الأيام، هي مادة الشبو، والتي أصبحت تشكل هاجسا كبيراً للآباء والأمهات على وجه الخصوص، كيف لا يكون ذلك ووسائل التواصل الاجتماعي تنقل لنا حالات عديدة لعمليات قتل بشعة ترفضها العقول السليمة وتقشعر منها الأبدان السوية، من حرق وذبح على قارعة الطرقات العامة على مرأى ومسمع المارة فيها، سأدلو بدلوي في الحديث عنها وأتطرق بدوري كإعلامي ساءته مناظر تلك المقتطفات المصورة، لكني سأنحو منحى آخر وصورة مختلفة بعض الشيء عما كتبه غيري، وهو على صلة قوية بعامل التأثير السلبي للإعلام، وزاوية لها علاقة قوية بعنصر الجذب والتشويق، وللدخول في صلب الموضوع مباشرة أقول إن الإتيان بمتعافين من تعاطي المواد المخدرة لطرح تجربتهم المريرة على وسائل الإعلام هي خطوة في حد ذاتها صائبة وجريئة في هذا الشأن، غير أن تداول النقاش وطريقة عرضها والأسلوب الخاطئ في الطرح، دون قصد قد يؤدي إلى نتائج عكسية، تؤثر في عقلية المتلقي الضعيف، فمن خلال ما تم عرضه عبر التلفاز لبعض من المتعافين، ومن خلال ما أذيع أيضاً على جهاز الراديو لآخرين عبر المذيع، يتضح للمشاهد والمستمع عند سرد تلك التجارب كأن المتعافي يتباهى ويستعرض بطولاته التي خاضها في هذا العالم المليء بالمآسي والأحزان، وهو يروي تجربته، فحالة الندم من الوقوع في هذا المستنقع لم تكن ظاهرة، أو لم تكن كافية بالشكل الذي يمكن أن يعتبر منها الآخر، حقيقة هناك بعض الأطروحات لم تكن صائبة في جانب السرد، حالت دون التعاطي معها على الصورة الأكمل، ولم تكن موفقة في عرضها كأسلوب تحذيري، ومن المراهقين على رجاحة عقلهم في هذا الجانب تستهويهم الأحاديث عن المغامرات وتجذبهم أفلام العنف والقسوة (الأكشن)، التي تغذيها نزعة الرغبة بخوض التجربة، وهو ما كان باديا في تلك المقتطفات مع كل أسف.