من أكثر المفاهيم الاجتماعية الرائجة والخاطئة عن التقدير، أنه يُكتسب أو يعطى، حتى أصبح البشر في حالة استسلام عاطفي أمام كرم أو بخل الآخرين لتقديرهم، فصارت مشكلات العصر النفسية تتمحور حول الحاجة والعجز والغبن!، كل ذلك بسبب حالة الانتظار البائسة، لعلنا نُروى من بساتين لطفهم وتقديرهم وودهم!.

مثلما الحق يُنتَزعْ، التقدير والاحترام والاهتمام يُفرَضْ، نعم يُفرض، كل فردٍ منّا لديه طريقة معينة يفضلها بالتقدير أو الاهتمام، إذا لم يجدها بعينها؛ لن يرى أي بديل عنها ذا قيمة أصلاً، وبالتالي يجب أن يشكّل تصرفات الآخرين بقبول أو رفض طرقهم -إن وجدت أصلاً-، وهذه تندرج تحت ما يسمى بالذكاء العاطفي، ولو أني أشكك بهكذا مفهوم، العاطفة لا تحتاج ذكاء، إنما تحتاج وضوحًا فقط.

الأسوأ هو التعاطي الاجتماعي غير المفهوم مع التقدير، تجد الفرد يقدّر زميله في نجاحه أو ميلاده بالاتصال والهدية والاحتفال، لكنّه لا يفعل كذلك مع أخوته مثلاً، مع العلم أنه يحب أخوته أكثر من زملائه، السر هو أن الزميل فرَضَ احترامه وهيبته عليه، يعطي بحذر ويثني بسبب، لذلك يشعر هذا الفرد بأنه محتاج للفت انتباه هذا الزميل أو محاولة إثبات حسن النية والولاء، أما الأخوة الذين يعطون بلا حدود ولا أسباب ولا شروط، فعطاؤهم مضمون، ولا حاجة لكسب ولائهم أو تعزيز العلاقة معهم.

هنا يكون الإهمال مصيرُا متوقعًا لهم، يعرفونهم وقت الحاجة مع مجموعة من الكلمات اللطيفة، ثم يصبحون أطرافًا مساعدين للاحتفاء بذلك الزميل الذي ليس له أي فضل أو عطاء حتى!.

المعضلة هي أن البشر في حالة استسلام، ويجب تغييره إلى التحكم والتعديل، كل فرد يجب عليه تشكيل صور تقديره والاهتمام به بناءً على «قبول» أو «رفض» ما يتلقاه، وسيفهم الآخرون ماذا سيفعلون، من قبل أعطى، ومن اعترض جفا، وعليه سيبقى كل ذي ودٍ كريم.

أخيرًا.. إذا لم تعرف كيف تفرض تقديرك على الآخرين، تعلّم من «الزميل» الغريب تحجيم هؤلاء الآخرين.