قبل حوالي عقد من الزمن في عام 2014، أجرى الجراحون بالربوت الآلي في هاميلتون - كندا، أكثر من 20 عملية جراحية على مرضى كانوا على بعد 400 كيلومتر. وللتبسيط للقارئ العزيز، الروبوت ليس هو من يعمل العملية بل جراح في مدينة أخرى. وعادة ما يدخل الجراح أصابعه بما يشبه قفازات إلكترونية، وتتحرك أذرعة الروبوت في جسم المريض بناء على حركة يد الجراح، أي باختصار أذرعة الروبوت تحاكي وتقلد حركة أصابع الجراح، وفي هذه الحالة لا يهم إن كان الجراح بغرفة العمليات مع المريض أو في مدينة أخرى!

وكما أن التقنية تطورت مع الوقت في كل المجالات،كذلك الطب. فمع تطور التكنولوجيا وازدياد سرعة النت، لم يعد هناك تأخير يذكر بين يد الجراح وذراع الربوت، لذلك عندما قدم الجيل الخامس من الاتصالات صار استخدام الروبوتات أفضل وأسرع.

بمساعدة روبوت يعمل بتقنية 5G، نجح مستشفى في هانغتشو بمقاطعة تشجيانغ في إزالة مرارة من مريض في مدينة آرال بمنطقة شينجيانغ الأويغورية، على بعد حوالي 4650 كيلومترًا، نعم على بعد آلاف الكيلومترات بين الجراح والمريض، والأمثلة كثيرة جدا حول العالم!

عزيزي القارئ لا تخشى شيئا، أعرف أن البعض يتبادر إلى ذهنه عدة أسئلة مثل كيف سيرى الجراح موضع العملية، وإذا تعطل النت أو تعطل الروبوت أثناء العملية، وما هي دقة الروبوتات ومدى نجاح العمليات؟ كل ذلك سنحاول أن نجيب عنه.

بالمناسبة نحن نتكلم عن نوع واحد من الروبوتات واستخداماته في الطب والصحة كثيرة، وأنواعها أكثر، لكن قبل هذا دعنا نذكر أن هذا مجرد جزء من سلسلة طب المستقبل الذي تطرقنا لبعض أضلاعه في المقالات السابقة.

ذكرنا في عدة مناسبات وتكملة لهذه السلسلة أن طب المستقبل هرم من ثلاثة أضلاع: الطب التجديدي والدقيق (الشخصي)، والذكاء الصناعي والداتا، والروبوتات، وتكلمنا مسبقا عن ضلعين والآن نتكلم عن الضلع الثالث، الروبوتات في الطب والصحة.

عدة دراسات أظهرت أن النتائج لنجاح العمليات باستخدام الروبوت مقارنة بالطريقة العادية متشابهة، وربما الروبوت أفضل من ناحية صغر اتساع الجرح، وأيضا التعافي السريع لعدم وجود جرح (شق) كبير من العمليات كما في الطرق التقليدية، وكما أن له ميزات عديدة أفضل من طرق الجراحة التقليدية، تستطيع الكاميرا في الروبوت تكبير الرؤية لأعضاء الجسم إلى أكثر من 10 مرات، مما يجعل العمل أدق، وتحسين الصورة، بما في ذلك المناطق التي قد لا تراها بالعين المجردة. وأيضا دقة جراحية أكبر، بل بلغت الدقة في جراحة الروبوت إلى مرحلة تستطيع فيها أن تقشر (العنب) من جلده رغم رقته، وأيضا تستطيع أن ترجع تخيط (قشر) العنبة الواحدة وتعيده إلى مكانه!

وأيضا زيادة نطاق الحركة وتحسين التحكم وتحسين الوصول إلى المناطق الصعبة، فلا ننسى أن الروبوت قد يحمل 4 أذرعة وحجم رأس الذراع داخل الجسم قد يصل إلى سنتمترات معدودة، لذلك التحكم والمناورة والمرونة كبيرة بسبب صغر رأس الروبوت مقارنة باليد البشرية، فالعمليات كانت تحتاج شقا طويلا لجسم الإنسان، بينما الآن ممكن أن تعمل بشقوق بسيطة (بضعة سينتمترات).

أما بخصوص إذا تعطل البث أو الربوت مع أن هذا نادر الحدوث جدا، فإن هناك دائما حلاً بديلا وإجراءات مثل توقف الربوت تلقائيا، إلى أن يعاد البث، وأيضا وجود جراح مستعد للتدخل لتكملة العملية أو للتأكد من استقرار حالة المريض إلى أن يعاد الاتصال بين منصة الجراح والروبوت، والعمليات عموما تجرى في مستشفى آخر مع وجود ممرضات في غرفة العمليات، وطبيب قريب، لكن هذا النوع من العمليات يسهل الوصول إلى أفضل وأجود الخدمات الطبية حتى للمناطق الطرفية، أو التي لا تملك إمكانات، من خلال وجود جراحين ذوي خبرة أو مختصين في عمليات نادرة في المدن الكبرى، ويستطيعون عمل العمليات للمريض، وهو في مستشفاه في مدينته الطرفية، دون الحاجة لقدوم المريض أو سفر الجراح أو إنشاء مستشفيات مكلفة ترهق الميزانية في الأماكن الطرفية.

وتشمل الفوائد المحتملة للجراحة الروبوتية للمرضى ما يلي:

تقليل الآلام

تقليل مخاطر الإصابة بالعدوى أو المضاعفات

فقدان أقل للدم مما يعني (عمليات نقل دم أقل)

إقامة أقصر في المستشفى

بالعمليات العادية الندبة أصغر مقارنة

سرعة العودة إلى الأنشطة العادية، وهنا الفرق كبير، فبعض العمليات بدل أن يستغرق المريض أشهراً للعودة للحياة الطبيعية، لكن بعد الجراحة الربوتية قد يستغرق أياماً.

ما ذكرناه أعلاه مثال واحد وجزء بسيط من عالم متكامل ومتعدد لاستخدامات الروبوتات في الطب والصحة!

مجال الروبوتات في الصحة واسع لكن سنذكر 11 نوعا من الاستخدامات المختلفة للروبوتات كأمثلة:

بدأنا بشرح مبسط عن الروبوتات الجراحية، وهي: روبوتات تساعد الجراحين في تنفيذ إجراءات أكثر دقة وبأقل قدر من التدخل الجراحي.

ولكن هناك أيضا:

روبوتات التطبيب عن بعد: هي روبوتات تتيح استشارة وفحص المرضى عن بعد من قبل الأطباء.

روبوتات إعادة التأهيل: هي روبوتات تساعد المرضى على التعافي من الإعاقات أو الإصابات من خلال توفير العلاج الطبيعي أو التمارين أو التحفيز.

روبوتات النقل الطبي: هي روبوتات تقدم الإمدادات والأدوية والوجبات للمرضى والموظفين في المستشفيات أو العيادات.

روبوتات التطهير: هي روبوتات تعقم الغرف والمعدات باستخدام الأشعة فوق البنفسجية أو المواد الكيميائية لقتل البكتيريا والفيروسات.

روبوتات التعاطف: هي روبوتات تقدم الدعم العاطفي والرفقة للمرضى، وخاصة كبار السن والمعزولين.

روبوتات أخصائي الأشعة: هي روبوتات تساعد في تنفيذ الإجراءات الإشعاعية مثل المسح أو التصوير أو الخزعة.

نظام معالجة السوائل الروبوتي الآلي، مثل عمل المزارع للخلايا والأنسجة وتغذية الخلايا، ولها استخدامات عديدة في صناعة الأدوية الخلوية والبيولوجية.

روبوت الصيدلة والدواء وصرف وتوزيع الأدوية.

روبوت تمريض يساعد طاقم التمريض في مهام العناية بالمرضى.

روبوت الاستقبال يستقبل المرضى ويرد على كثير من أسئلتهم واستفساراتهم

لم أرد أن أعطي أسماء ماركات الروبوتات تجنبا للدعاية، لكن ممكن ببساطة أن نذكر 3 أمثلة لكل نوع من الاستخدامات أعلاه. بلا مبالغة هناك عشرات أنواع الروبوتات الموجودة حاليا تساعدنا بشكل يومي في المهام الصحية والطبية.

طبعا الروبوتات موجودة الآن ومستخدمة بكثرة وبشكل يومي في المستشفيات المتقدمة، ونرى فوائدها، وفي المستقبل القريب، وليس هذا توقعاً بل مسار طبيعي للأحداث، وسنرى الروبوتات والدرونز أكثر وأكثر في المستشفيات، ربما بكثرة رؤية الأطباء والتمريض! وكما ذكرنا هي الضلع الثالث من مثلث طب المستقبل.