تجسيدا للرغبة الصادقة والحقيقية من صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز لتضافر الجهود العربية في كافة المجالات والأنشطة تحت مظلة جامعة الدول العربية سعى سموه وزملاؤه وزراء الداخلية العرب إلى إقامة كيان يترسخ ويتبلور فيه العمل العربي الأمني المشترك، وتحقق ذلك في مجلس وزراء الداخلية العرب عندما برزت فكرة أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية في انعقاد أول مؤتمر لقادة الشرطة والأمن العرب في مدينة العين بدولة الإمارات العربية المتحدة 1972م، حيث أقر إنشاؤها من قبل وزراء الداخلية العرب عام 1978 م، وكان مسماها آنذاك (المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب)، وعرفانا من وزراء الداخلية العرب بالرعاية الكريمة والدور المهم والحيوي الذي يوليه سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية رئيس مجلس الأكاديمية الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب في سبيل النهوض بمستوى الأمن العربي وفق أسس ومعايير علمية صدر قرار وزراء الداخلية العرب في جلسته التي عقدت في العاصمة التونسية في عام 1997م باعتماد المسمى الجديد (أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية ).

وحرصا من سموه على ترسيخ مبدأ التكامل الأمني العربي، اهتم سموه بإثراء الأكاديمية في البحث العلمي في مجال الدراسات والأبحاث العلمية والتعريف بأحكام التشريع الجنائي الإسلامي والنهوض بمستوى التعليم والتدريب في مجالات الوقاية من الجريمة، والسعي لتنمية وتوثيق الروابط مع المؤسسات العلمية والدولية، وتعتبر أكاديمية نايف للعلوم الأمنية الجهاز العربي الوحيد الذي يضطلع بهذه المسؤولية المهمة وبهذا الحجم من تقديم العلوم المختلفة والخبرات المتعددة حتى أطلق على الأكاديمية (بيت الخبرة العربية ) في المجالات الأمنية .

وإيمانا من سموه بأهمية التدريب لصقل مهارات رجال الأمن العرب ورفع قدراتهم، وجه سموه بافتتاح معهد التدريب التابع للأكاديمية، وبالفعل بدأ المعهد نشاطه في عام 1400هـ، بهدف وضع ورسم سياسات تدريبية عامة بما يتناسب واحتياجات الأجهزة الأمنية في الدول العربية، وصقل مهارات رجل الأمن العربي علميا وعمليا لتحقيق الرقي في مستوى الأداء المهني، وإكساب رجال الأمن فنية متقدمة في مجال المختبرات الجنائية عن طريق إجراء البحوث المخبرية في مجال العلوم الجنائية الفنية وتقديم الاستشارات العلمية والخدمات المخبرية الجنائية العربية، بالإضافة إلى تنمية مهارات رجال الأمن في علوم اللغات والترجمة وعلوم الاتصال والتوعية ضد الجريمة، وأنجز المعهد خلال العشرين عاما الماضية (165) نشاطا علميا ما بين دورة تدريبية و مخبرية ومعرض شارك بها (34500) مشارك، وبلغ عدد البرامج التدريبية (495) برنامجا شارك بها (15678) مشاركا، فيما بلغ عدد الجهات المشاركة (747) جهة، وبلغ عدد المعارض التي أقامتها الأكاديمية (44) معرضا بلغ عدد الزوار لهذه المعارض ما يقارب (29083) زائراً .

وبمتابعة من سمو الأمير نايف لتحقيق أفضل النتائج في الرقي برجال الأمن العرب انبثقت فكرة إنشاء كلية للدراسات العليا لسد الحاجة الماسة إلى الدراسات العليا في مجالات الأمن عموما على مستوى الوطن العربي، وبالفعل بدأت الدراسة بالكلية في العام الدراسي 1403-1404هـ ببرنامج التخصص المتقدم (الدبلوم ) في مكافحة الجريمة فقط، ومن ثم توالى افتتاح الأقسام والبرامج العلمية وأصبحت مدة الدراسة فيها ثلاث سنوات ومنح درجة الماجستير لخريجي الكلية في عام 1408هـ، وأقر مجلس إدارة الكلية برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز نظاما جديدا للكلية أخذ في اعتباره كل التنظيمات الأكاديمية والعلمية المستحدثة على المستوى العربي والدولي بهدف المحافظة على الإطار الأكاديمي العام الذي تنتهجه المؤسسات التعليمية العربية والدولية ومراعاة خصوصية الجانب الأمني، ولكونه جزءاً رئيساً من الرسالة العلمية للأكاديمية في الوطن العربي ذات الإطار صدر قرار المجلس بأن تمنح الكلية درجة دكتوراه الفلسفة في العلوم الأمنية، وتتمتع الكلية بعضوية في اتحادات الجامعات العربية ورابطة الجامعات الإسلامية والاتحاد الدولي للجامعات وعضوية المجلس الاستشاري للاتحاد الدولي للجامعات.

وحرص سموه على إعطاء الدراسات والبحوث مكانة خاصة بين الأنشطة العلمية في الأكاديمية لخدمة الأمن العربي بكافة جوانبه وعلى مختلف أجهزته العاملة، ومع تنامي بعض الظواهر الأمنية وبروز تحالفات أمنية جديدة على المستوى الإقليمي والعربي والدولي كان لمركز الدراسات والبحوث في الأكاديمية نجاح خاص لأدائه المتميز والحضور العلمي بالإسهام الفاعل في نشر المعرفة الأمنية وتطوير وتحديث أساليب البحث العلمي الأمني وتأصيله، وتوفير المعلومات الأمنية وترشيد استخدامها وتبادلها بين الدول العربية، وإعداد وتدريب الباحثين من رجال الأمن والعدالة الجنائية، ورصد القضايا والظواهر والمشكلات الأمنية في الدول العربية.