شاب نام ولم يستيقظ.. طفلة فقدت وعيها، فأخذوها للمستشفى، وأعلن الأطباء وفاتها، بعدما توقف قلبها، ولم تُجدِ أدويتهم نفعا في تحريكه.. صبية أوصلها سائق أوبر حيث طلبت، ولكنها لم تستطع النزول، ليكتشف أنها توفيت، فعادوا حيث المنزل الذي خرجت منه، فوجدوا فتاتين في عمرها للتو غادر ملك الموت جسديهما.

الموت المفاجئ نتيجة هبوط حاد في الدورة الدموية والتنفسية، وتوقف النفس والقلب المفاجئ، أكثر من يتعرض له صغار الرضع، وهو ما نسميه «موت المهد المفاجئ»، وهناك عوامل مساعدة لحدوثه، ففي كبار السن يحدث -عادة- نتيجة أزمة قلبية حادة.

كمؤمنين نعرف أن لكل أجل كتابا، وأن الذين كُتب عليهم الموت سيموتون ولو كانوا في بروجٍ مشيدة، لكن لا يحق لإنسان أن يُلقي بنفسه إلى التهلكة، والبعض يموت ولسان حاله يقول: لو أني أعرف خاتمتي ما كنت بدأت. هناك كثير من القصص بدأت دون تخطيط، وانتهت -فجأة- دون إدراك، ليترك عائلة تبكيه. طريق المخدرات عادة يبدأ دون قصد، ومن غير معرفة، وفور الدخول فيه يصعب الخروج منه إلا من أدرك أنه سيموت حتما، أو من أسعفه حظه بعائلة احتضنته، وحاربت من أجل تعافيه.

الحملة المشددة على المخدرات تستوقفنا عند «الشبو» (الميثامفيتامين) الأكثر خطرا والأعظم فتكا، فمن المعروف أن تناول الميثامفيتامين يتسبب في زيادة الجرعة، وهناك نوعان من الجرعات الزائدة: جرعة مفاجئة تحدث عندما يتناول شخص الكثير من الميثامفيتامين إما عن طريق الخطأ أو عن قصد، ففى أثناء تناول جرعته الأولى -مثلا- يتسبب هذا في أعراض قد تهدد حياته، وهذا الذي أظنه حصل لطفلة الثانية عشرة، التي غالبا تعاطت -عن طريق الخطأ أو جهلا- جرعة كبيرة أودت بحياتها.

أما الثانية فهى جرعة زائدة طويلة المدى (مزمنة)، حيث يعاني الأشخاص الذين يستخدمون الميثامفيتامين العديد من المشاكل الصحية نتيجة استخدامه على المدى الطويل، جنبًا إلى جنب مع سوء التغذية، مما يعرض الشخص لخطر الجرعة الزائدة.

«الشبو» مسحوق يمكن شمه أو ابتلاعه أو تدخينه، والبعض يصنع منه محلولًا للحقن المباشر في الدم، وهذا أخطر أنواع التعاطي.

ويرفع «الشبو» معدل الدوبامين قرابة 12 مرة ضعف المعدل الطبيعي، أيا كانت طريقة تعاطيه، وفور انخفاض نسبة الميثامفيتامين في الجسم، التي تستمر ما بين 6 و24 ساعة تقريبا، تسود مشاعر الاكتئاب، فيستخدم الشخص الميثامفيتامين مرة أخرى في التخلص من هذه المشاعر السلبية، ومن هنا تأتي سرعة الإدمان وخطورته.

الذين يتناولون الكثير من الميثامفيتامين عادة لا يدركون ما يفعلونه، وما يزيد من مخاطر تناولهم جرعة زائدة أنه كلما طالت مدة استخدام الشخص له كلما أصبح أكثر تعودا على الجرعة، فيحتاج إلى جرعات أعلى بشكل متزايد، لتحقيق النتائج نفسها.

مثل العديد من المواد غير المشروعة الأخرى، من المستحيل تحديد سبب محدد لإدمان شخص ما الميثامفيتامين. ومع ذلك، يمكن لعوامل مختلفة أن تزيد من احتمالات الإدمان، لكن السببان الرئيسيان هما: بيئة الشخص وجيناته، بما في ذلك معتقداته، وتوجهاته، وظروفه، بالذات الأشخاص الذين عاشوا ظروفا صعبة في طفولتهم.

أحيانا يرث أحدهم سمات أحد الوالدين التي يمكن أن تسرع عملية الإدمان، فإذا كان أحد الوالدين مدمنا يكون أبناؤه ذا قابلية للإدمان أكثر من الأشخاص الذين ينحدرون من عائلات ليست لها علاقة بالمخدرات.

ولكن كيف يقتل الشبو مستخدميه فجأة؟.

إنه يؤثر في عضلة القلب والشرايين، إذ يسبب تسارعا في دقات القلب، مع ارتفاع في ضغط الدم وتلف في الأوعية الصغيرة بالدماغ والسكتة الدماغية والقلبية، وتكشف عينات تشريح القلب في ضحايا الشبو عن تغيرات هيكلية خطيرة في عضلة القلب لا رجعة فيها، تتسبب في حدوث النوبة القلبية، والموت المفاجئ.

لا أحد يختار الموت، حتى أولئك المتعبين تتسع لهم الحياة، فليست هناك تعاسة أبدية ولا سعادة دائمة (وتلك الأيام نداولها بين الناس).

المخدرات ليست حلا للهروب من مشاكل الحياة، بل هي الموت والدمار، العلاج النفسي أفضل وأنجع. المدمن ضحية تفكيره، والحماية تبدأ من المنزل، ولا بد من الاحتواء والعلاج قبل العقوبة.. لا نرغب في فقد المزيد من الشباب، فهم المستقبل.