في المقال السابق كان محور الحديث عن المناطق الاقتصادية وأنواعها وتاريخها، ثم ختمت الحديث بالمناطق الاقتصادية الأربع في السعودية، (تحدثت عن ثلاث منها في المقال السابق هي جيزان ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية ورأس الخير)، أخيراً وليس آخراً تأتي منطقة الرياض، وهي المنطقة الرابعة التي ستقام فيها المنفعة الاقتصادية الخاصة، التي قد تكون متركزة على تقنية المعلومات وبالتقنيات الحديثة، ولا أعتقد أن أحدا يجهل مكانة وقوة منطقة الرياض ماليا واقتصاديا، فهي مركز مهم جدا في منطقة الشرق الأوسط كلها، مدينة لها ثقلها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ومدينة جذب للأعمال، سحبت البساط من مدن كان ينظر إليها على أنها ثابتة لا تتزحزح في عالم الأعمال، وجذب الشركات والباحثين عن الفرص.

ومن المتوقع أن تساهم هذه المناطق الأربع بـأكثر من 60 مليار ريال في الناتج المحلي السعودي خلال عقد واحد خلال المرحلة الأولى، وبتوفير أكثر من 30 ألف فرصة وظيفية، وستتضاعف - إن شاء الله - من ناحية العوائد والفوائد المباشرة وغير المباشرة، سواء أكانت مادية أو في رأس المال البشري، أو نقل وتوطين التقنية، أو تحويل قطاعات متعددة مختلفة وتطويرها.

ولكي يتم تفعيل هذه المناطق الاقتصادية الخاصة بشكل صحيح فلا بد من الاهتمام بالبنية التحتية لتلك المناطق، وكذلك توفير جميع الخدمات اللوجستية، توفير العمالة، توفير الطاقة ومراعاة أسعارها، المزايا التسويقية لمنتجات تلك المناطق من خلال فتح الأسواق العالمية والاستفادة من اتفاقيات التجارة العالمية والثنائية مع الدول، اتفاقيات عدم الازدواج الضريبي، اتفاقيات المزايا الخاصة لمنتجات الدولة وأفضليتها، كذلك وضع إدارة متخصصة بالإجراءات التنظيمية والتشريعية والإجرائية، وتسهيل الحصول على الترخيص والسجلات بشكل عملي سهل وسريع.

ومن الأمور الأخرى المهمة وضع نظام خاص للتقاضي وحل المشكلات بشكل سريع عادل عملي سهل، الأمر المهم إيضاح أن السعودية تتمتع بنظام مالي قوي، وهو من أكثر الأنظمة العالمية تقدماً، ولدينا حرية لحركة الأموال وسعر صرف ثابت قوي محمي بشكل واضح وجلي جداً.

ومن المطلوب كذلك إنشاء نظام تخارج من المشاريع بشكل تنافسي سلس وأنظمة مرنة، وإرسال لجان على علم وفهم وسعة اطلاع للخارج لشرح هذه المناطق ومزاياها، (من إعفاءات وتخفيضات ضريبية ومزايا تصديرية وتسهيلات بنكية وأيدٍ عاملة وإجراءات حكومية سلسة سريعة عملية وأنظمة وتشريعات حمائية قوية عادلة مفعلة، وغيرها من المزايا)، وشرحها لكل دول العالم التي لديها مزايا يمكن الاستفادة منها لجذب هذه الاستثمارات، فمن المحزن أن تكون لدينا العديد من المزايا الخاصة والتنافسية والقوية، ولا نعرف كيف أن نسوق لها أو نوضحها للآخرين، فالمستثمر لا يأتي لسواد عيون أحد إنما يأتي حين توجد الفرص مغرية وواعدة، وأمواله محمية وحقوقه مصانة، وهناك من يعرف أن يوضح ما يملك وما لديه لهؤلاء المستثمرين.