لعل أسوأ ما يواجه أي إنسان هو الاستغلال والاتجار بالأشخاص حيث العمل الإجرامي المنظم الذي يستغل حاجة الإنسان الضعيف في بلده ليأتي به ليعمل ببلد آخر، ليكتشف أنه دفع كل ما يملك ويجد نفسه في الشارع بلا عمل.

في يوم صيفي هادئ بالرياض، كنت لدى حلاق اعتدت الحلاقة عنده، وهو من جنسية عربية، ليقول إن لديه شخصا من الجنسية نفسها، شاب بعمر 23 سنة دفع مبلغًا لوكالة محلية في بلده وقدره 3000 ريال سعودي، وهو بعملتهم المحلية مبلغ كبير جدًا، ليتمكن من القدوم والعمل بالسعودية، ليكتشف بعد الوصول أن مهمته هي البحث عن العمل، لا كما كتب في تأشيرة العمل التي جلبته لمهنة معينة واسم المؤسسة على التأشيرة.

يستغل بعض ممن لديهم سجلات تجارية وفي هذه الحالة شركة مقاولات ليقوم صاحب المؤسسة -أو العمالة التي لديه تدير الشركة- ولربما كانوا بغرض التستر التجاري بالتنسيق مع عمالة من الجنسية نفسها بالبلد الآخر، مكونين بذلك عصابة الاتجار بالأشخاص، فيدفع الإنسان الضعيف طالب العمل مبلغًا وقدره....، ومن ثم يتم التنسيق مع هذه المؤسسة لإصدار تأشيرة عمل بمهنة من المهن، وفي حالة هذا الشاب المسكين فهو بمهنة طباخ في شركة مقاولات! ولدى قدوم الشاب يجد نفسه في الشارع فلا الشركة التي أصدرت له التأشيرة تتكفل به وتصدر الإقامة المؤقتة، ولا المؤسسة التي في بلده أو الدكان الذي دفع له الأموال يضمن له ذلك، ولأنهم أنذال يوقعون الإنسان المسكين على ورقة تقول له (إننا لا نضمن له وظيفة وهو يعلم بذلك مسبقًا)، وهذا بالطبع غير مقبول إنسانيًا وقانونيًا.


أتمنى من الجهات المختصة التصدي لمثل هذا الاستغلال غير الإنساني، فمثل هذا الشاب قد يلجأ للجريمة في حال عدم وجود وظيفة، والحلول كثيرة ومنها أن تجبر الشركات في حين استقطاب وافد خصوصًا في الوظائف الدنيا ذات المؤهلات المتدنية، أن يتم التأكد من المؤهلات وصدقيتها عبر السفارات السعودية، وإجراء اختبارات مهنية محددة، وأن يتم ضمان أن يكون الوافد يعمل على الأقل لمدة سنة كاملة في الشركة التي استقطبته. إن مثل هذه الممارسات غير الإنسانية هي تشوهات في سوق العمل نحتاج لحوكمتها والقضاء عليها.