حازت جرائم البحث العلمي في الدول الغربية، المساحة الأعلى في محتوى ألعاب الفيديو الحديثة، بعد أن أصبحت مادة دسمة يمكن توظيفها لجذب اهتمام اللاعبين من مختلف بقاع العالم. ونحن لا نتحدث عن الأبحاث المعلنة التي تدار في العلن، ويمكن اختيار عينات الدراسة دون الخوف من أي تبعات قانونية. بل نتحدث عن البحوث السرية التي تجرى في مراكز بحث سرية للغاية، لا يملك تصريح دخولها إلا أشخاص محددين في مواقع خفية تحت الأرض أو بقع نائية خارج المدن، قد تتورط فيها جامعات عالمية وعريقة أو مؤسسات بحثية مرموقة. وغالبًا ما تكون أهداف البحث غير أخلاقية ويمكن أن تكون مدمرة، داخل أراضي دول دائمًا ما ترفع شعارات حقوق الإنسان.

لعبة (Resident Evil) الشهيرة من الألعاب التي تناولت جانب البحث العلمي وكيف يمكن أن تخرج الأمور عن السيطرة بعد أن تنتشر عدوى الزومبي في الشوارع والأماكن العامة، بعد أن كانت مجرد أبحاث سرية تدور في الخفاء.

هذا النوع من مراكز البحث العلمي نال اهتمام كثير من صانعي ألعاب الفيديو، واستحوذ على إعجاب الملايين من المهتمين بألعاب الفيديو، لما تتضمنه من مشاهد مثيرة ذات طابع رعب نفسي رهيب، مصدرها نتائج البحث العلمي المرعبة الذي يمكن أن تهدد البشرية في حال خرجت عينات الدراسة عن السيطرة وانتشرت في المجتمع وفي الأماكن العامة.

يسلط هذه النوع من الألعاب الضوء على البيئة السرية المحيطة بمراكز البحث العلمي، وما يدور خلف الكواليس من أفعال شنيعة ولا إنسانية، يذهب ضحيتها أشخاص أبرياء. ومن المفارقات العجيبة أن يتحول العلم ومراكز البحث العلمي لمادة ترفيهية مرتبطة بأجواء الرعب النفسي والخوف وإثارة الأعصاب، بعد أن عقدت الإنسانية الآمال على العلم لتحقيق السعادة والرفاهية وتبديد الآلام.

صانعو ألعاب الفيديو ومؤلفو قصصها وحبكتها الدرامية لا شك يملكون ثقافة عالية وعمقًا كبيرًا في تناول تفاصيل العمل الترفيهي الذي يفترض أنه يستهدف فئة المراهقين والشباب، ولكن المسألة أكبر من مجرد لعبة فيديو ترفيهية، فالتجارب العلمية يمكن أن تخرج عن السيطرة في أي وقت وتهدد حياة الملايين، بل وتهدد مستقبل البشرية على كوكب الأرض. ألعاب الفيديو اليوم تقرع أجراس الخطر وتنبه الناس لما يدور في الخفاء، وما المسارات المحتملة التي يتسبب بها أقل الأخطاء في حال خرجت تلك التجارب عن السيطرة، ولعل العالم عاش تراجيديا فايروس كوفيد 19 باعتباره نموذجًا حيًا لما كان يدور في الخفاء، ثم انكشف لكل سكان العالم كواحدة من أكبر الفضائح العلمية على الإطلاق.

تثير ألعاب الفيديو التساؤلات حول العلم ومنتجاته، وكيف يمكن أن يتحول إلى تهديد، وكيف يمكن أن تنقلب المخترعات على إرادة مخترعيها، وهل يجب علينا أن نثق بالعلم مستقبلا؟ فلا شك أن العلم أصبح تهديدًا لا يقل خطورة عن تهديدات أعمال التطرف والإرهاب. وما نشاهده في ألعاب الفيديو من أفكار تبدو صنيعة خيال خصب أو تحدث في عوالم افتراضية مستحيلة التحقق، قد تصبح واقعًا معاشًا في يوم من الأيام.

نحن أمام حقيقة يجب الاعتراف بها وهي أن العلم صار مخيفًا ومقلقًا رغم ما قدمه وما سيقدمه للإنسانية من خدمات. فبعد أن تلقفته أيدي أفراد ومنظمات لا يملكون أي دوافع إنسانية وهم من يمول أبحاثه ويوجه دراساته وفرضياته بل ويتحكم في نتائجه ويرسم خططه المستقبلية، فإن العلم لم يعد آمنا كما يفترض أن يكون.