منذ فترة والعالم يموج في بحر من الآراء حول الذكاء الاصطناعي، وتفوقه على العقل البشري، ويدعم هذا الرأي، الغريب المتوحش بعض المراكز العلمية والإعلامية في الغرب، لأهداف أرى أنها لا تغيب عن فطنة الإنسان العاقل المتعلم.

ويرى علماء ومفكرون منصفون أن التسويق والضخ الإعلامي لتلك الفكرة، بمثابة التمهيد النفسي للاستلاب الثقافي، واغتراب الذات، وتسطيح الفكر، وتقويض الهمم بين البشر، حتى يكونوا خاضعين مستسلمين، لما يمليه ويفرضه عليهم في المستقبل القريب من أفكار ومعلومات، وتوقعات، وآمال، وإيجاد حلول للمشكلات النفسية والاقتصادية، إضافة إلى سقوطه المشين في تزويره للشخصيات والأصوات والحوادث والصور وغيرها.

وأغلبها أمور تشبه الوثنية الجاهلية حين كان الاعتقاد في أصنام جامدة لا تنفع ولا تضر، لكن في هذا العصر قد يُصبح الذكاء الاصطناعي وثنية إلكترونية إذا خرج عن بعده الأخلاقي وصدقه الناس وافتتنوا به.

ومهما وصل ذلك الاصطناعي إلى مراحل متقدمة بعد تغذيته بحزم رهيبة من معلومات وأرقام ومعادلات تتفاعل وتتقاطع مع بعضها، فإن الخطر الكبير حين يخرج هذا المارد عن السيطرة، ويدلي بأخطاء في المعلومات والدراسات والتحليلات أو يُعطي أوامر قد تكون سببًا في دمار العالم.

وفي هذا الصدد عبر الأب الروحي للذكاء الاصطناعي عالم النفس وخبير الحاسوب «جيفري هينتون» عن قلقه ومخاوفه من الذكاء الاصطناعي، وما يُمكن أن يحدث في حال أصبح أكثر ذكاءً من البشر.

وكشف في حديث تلفزيوني تناقلته وسائل الإعلام، أن بعض العلماء يعتقدون أن الخوارزمية «وتعني خطوات الرياضيات والمنطق لحل مشكلة ما» أفضل من الدماغ البشري في حال تم توسيع نطاقها.

وقال «هل يمكننا أن نُبقي هذه الأجهزة المطورة تعمل في خدمة البشرية، حين تصبح أكثر ذكاءً منا ؟! فالخوف كل الخوف أن تكون قادرة على خداعنا، وينساق الناس خلفها».

وصنف المتابعون حديثه بالاعتراف الخطير والصريح.

عن كارثة «غباء الذكاء» المدمرة في المجالات العلمية والعسكرية، وترويج السلبية على واقع حياتنا.

ولا يعني مقالي هذا أنني ضد تقنيات العصر وفوائدها الكبيرة، لكن الالتصاق والإدمان عليها له نتائج سلبية.

ويتساءل الدكتور إسماعيل عرفه في كتابه «الهشاشة النفسية» لماذا أصبح الناس أضعف وأكثر عُرضة للكسر؟

وعزا ذلك إلى سببين، أولهما: حدوث تغيرات في العالم العربي في السنوات الماضية، والانتشار الهائل لوسائل التواصل الاجتماعي، وهما أمران مهدا لانتشار الهشاشة النفسية وسط فئات معينة من الشباب والفتيات.

وأجزم أن العقل البشري الذي اخترع تلك الطفرات وصممها سيبقى المصدر الأساسي والوحيد للتفكير والعلم والمعرفة والإبداع، ولن تتغلب عليه خيالات حتى إن قالوا إنها خرجت من تحت قُبة العلم، فذلك مخالف لنواميس الكون.