للحفاظ على مكتسبات الماضي، والإحباط من الحاضر، والقلق من المستقبل، فإن الهروب أو الانسحاب أو الاعتزال، أقصد به التقاعد المبكر، يشغل تفكيري، وكل من هم من أبناء جيلي، فالمعلمون يشعرون بالتخوف من الرخصة المهنية التي تشكل من وجهة نظرهم زيادة في القيود والتعقيدات والتكلفة المادية والضغط الزائد للحصول على الدرجة المحددة أو الحرمان من العلاوة، مما يسبب لهم القلق والتأثير على ثقتهم في أنفسهم وقدراتهم كمعلمين. ناهيك عن شعورهم من قلة التقدير.

كذلك تخوفهم من الهيكلة الجديدة للوزارة، وخصخصة التعليم تدفع المعلمين للتخوف من فقدان وظائفهم والاستقرار المالي والنفسي لهم ولعائلاتهم، كذلك خوفهم من تأثير ذلك على رضاهم الوظيفي وخفض معنوياتهم مما ينعكس على جودة التعليم، وعدم الاستقرار وعدم اليقين حول ما ستؤول إليه الأمور بالمستقبل، وفقدان بعض المزايا والحوافز المالية التي يحصلون عليها حالياً مما يضعف قدرتهم على تلبيه احتياجاتهم المادية والمعيشية.

ناهيك عن تعدد المناهج والأنصبة، وكثرة المهام المطلوبة من المعلم، واكتظاظ الصفوف بالطلاب، والمتطلبات المهنية العديدة من حصص تطبيقية ومجتمعات التعلم المهنية والأعمال الإلكترونية، وتحليل النتائج للاختبارات والأنشطة الصفية واللاصفية، وإعداد الاختبارات الورقية والإلكترونية، وساعات التطوير المهنية، والاقتصار على خمسة أيام اضطرارية فقط على مدار ثلاثة فصول دراسية، وغيرها من الأعباء الأخرى.


وفي رأيي فإن المعلم القطب المؤثر في العملية التعليمية، والعمل على تحسين أدائه سوف ينعكس على جودة التعليم، من خلال منحه المزايا والحوافز المالية والمعنوية والأمن الوظيفي وإشراكهم في عملية تطوير التعليم، بحيث يكون شريكا في هذا التطوير من خلال إبداء الرأي والتخطيط والتنفيذ، فالمعلم في الميدان أكثر قدرة في وضع الحلول للمشكلات، وتحمل المسؤولية يدفعه إلى بذل كل ما لديه لنجاح ما اشترك في رسمه، وتدريبه على أحدث التقنيات واطلاعه على أفضل التجارب سوف يجعله يتمسك بعمله ويناضل حتى نهاية فترة عمله وعدم تسربه.