أميرنا الخالد، الذي اتخذ لنفسه لقب «دايم السيف»، وصاحب المكانة الخاصة بين الناس، وبعيدا عن المناصب والجوانب البروتوكولية المتنوعة والمتعددة، أشعر بامتنان خاص عندما أسمع عنه، وبامتنان أكبر عندما أستمع إليه في مجلسه، وهو يحاور العالم أو المتعالم، ويستمع للجميع، ويجيب أو يرد بالتعليق أو بالتعقيب، وأعيد الامتنان في الحالتين لأسباب كثيرة، في مقدمتها عندي اهتمامه البالغ بالفكر، في زمن يندر فيه أن يهتم المسؤول والسياسي بالفكر، وفي وقت تقل فيه القناعة بأن نهضة الأمم لا يمكن أن تقوم إلا برعاية المسؤول المفكر والواعي والمبدع.
المفتش في الجوانب الفكرية في المشاريع التي أطلقها ويطلقها الأمير خالد، بارك الله له في صحته وعافيته، يعرف وبيقين أنه أخذ على عاتقه رعاية رفعة ونهضة الفكر، والانتهاض بالفكر، ومن هنا كان وعلى الدوام يضفي بين من حوله روحا عجيبة من الرغبة في التطور والتقدم في العمل الفكري، وتجاوز الصعوبات القادمة، ومواجهة التحديات التالية، ولا غرابة في ذلك، فالأمير قيادي من الدرجة الأولى، وقدر الله عليه أن يحمله الهموم الفكرية المتعلقة بالأمة في الداخل والخارج، ومتعه بالقدرة الفائقة على مسابقة الزمن، وهز الجوانب الراكدة، وإيقاظ أهل الغفوة؛ والتفاصيل كثيرة، والشواهد والدلائل واضحة وحاضرة، وليس هنا محل سردها.
منّ الله تعالى على الأمير خالد بحضور رائع، وصيت ذائع داخل المملكة وخارجها، جعلته محل انبهار الناس بشخصية فذة وراقية ورائعة، فيها كل الجد والسمو والعمق، وواضح عليها التأثر الكبير بأركان تنشئته، رحمهم الله جميعا، وأقصد هنا جده الملك عبدالعزيز، الذي أخذ عنه وكما قال ذات مرة، القوة والصرامة من ناحية، والعطف والحنان من ناحية أخرى، ووالده الملك فيصل، الذي اكتسب من أسلوبه وتعامله وشخصيته الصبر والحكمة وبعد النظر، وخاله الأمير سعود بن جلوي، الذي عاش في كنفه، وأعجب به، وتعرف عنده عمليا على فضيلة الحزم.
الأمير خالد الفيصل، عقل موسوعي جميل، يجمع بين التنظير والتطبيق، وكلماته مضيئة، وأفكاره منمقة، وهو درس مستمر للجيل الذي صعد، والذي سيصعد، وقدوة طيبة لمن يريد أن يدعم التقدم الفكري والثقافي في الأوطان، ومن يريد أن يخدم مجتمعه، ومن يتمنى لأمته الرفعة والرخاء والسعادة، ومن يفهم واجب عدم التأخر عن تقديم الخير للناس؛ وعلى من يريد الاستزادة في سبر بعض أغوار شخصيته، أطال الله عمره في قوة وتوفيق، ألح عليه تمتيع ناظريه بمطالعة كتاب «إن لم.. فمن؟!!»، للأمير نفسه، وحتما سيعرف معنى قوله: «أعترف أني لست من العلماء الجهابذة.. لكني نبتة هذه الأرض.. ومواطن هذا الوطن.. عشقت ترابه.. عانقت سحابه.. آمنت بالقدر.. وعايشت الحياة.. واستمتعت بالتحدي..»، و«..نجحت وأخفقت.. وتأنيت واستعجلت، وأصبت وأخطأت.. وازدهرت بالتجارب حياتي..»، و«..التحدي هو قدري.. ويعلم الله أني لم أبحث عنه.. ولكن عندما قصدني لم أهرب منه».