وفي دار خاصة بمحلة أجياد أمام دار وزارة المالية العمومية بمكة المكرمة، وفي عام 1346هـ بدأت قصةُ كسوة الكعبة المشرفة كأول حلة سعودية تصنع في مكة المكرمة، بتكلفة سنوية تجاوزت حاليًا 20 مليون ريالٍ سعودي، وتتم حياكتها وتطريزها كل عام بخيوط من الحرير والذهب والفضة بمجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة التابع للرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، الواقع بأم الجود في مكة المكرمة، لتكون جاهزة ليوم تغييرها الذي سيكون هذا العام في غرة محرم 1445هـ.
200 صانع على مدار السنة
وقد منَّ اللهُ على المملكة العربية السعودية باستدامة هذه الصناعة وتطويرها، وإدخال كل السبل التقنية الحديثة التي أسهمت في تمكين المجمع من إنتاج الثوب، ومن أهم ما تم استحداثه في عهد خادم الحرمين الشريفين الملكِ سلمانَ بنِ عبدِالعزيز توفير ماكينة «تاجيما»، وماكينة الجاكارد، التي تقوم بصناعة ثوب الكعبة المشرفة المنقوش بالتسبيحات والقناديل المذهبة والكلمات وهي: «يا الله، وسبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، ويا ديّان، ويا منّان، ولا إله إلا الله محمد رسول الله»، وتتم هذه العملية بواسطة الفريق الفني المختص من الأيدي الوطنية المدربة المؤهلة على هذه الماكينة التي تحتوي على أكثر من 9 آلاف وتر من الحرير، والثوب تستغرق صناعته من 6 إلى 8 أشهر، ويعمل في صناعته أكثر من 200 صانع على مدار السنة.
مراحل صنع الكسوة
وتمرُّ مراحلُ كسوة الكعبة المشرفة بمجموعة من الأقسام الفنية والتشغيلية، وتبدأ بمرحلة الصباغة وهي أولى مراحل إنتاج الكسوة بالمصنع، حيث يزود قسم الصباغة بأفضل أنواع الحرير الطبيعي الخالص في العالم، ثم النسيج الآلي الذي يحتوي على العبارات والآيات القرآنية والمنسوخة، ثم قسم المختبر الذي يقوم بإجراء الاختبارات المتنوعة للخيوط الحريرية والقطنية؛ من أجل التأكد من مطابقتها المواصفات القياسية المطلوبة من حيث قوة شد الخيوط الحريرية ومقاومتها لعوامل التعرية، إضافةً إلى عمل بعض الأبحاث والتجارب اللازمة لذلك، يأتي بعدها مرحلة الطباعة التي يتكون منها قسم الحزام والتطريز وقسم خياطة الكسوة، ثم وحدة العناية بكسوة الكعبة المشرفة.
وكسوة الكعبة التي تزن 850 كيلوجرامًا، ومقسمة على 47 قطعة قماش بعرض 98 سم، وارتفاع 14، تطرز بخيوط من الذهب والفضة، ويصل عدد قطع المذهبات إلى 54 قطعة على الكعبة، في قسم متخصص باسم «تطريز المذهبات» بالمجمع، وذلك باستخدام 120 كيلوجرامًا من المذهبات، و100 كيلوجرام من الفضة المطلية بماء الذهب، و760 كيلوجرامًا من الحرير.
وعند الانتهاء من جميع مراحل الإنتاج والتصنيع، وفي منتصف شهر ذي القعدة، يقامُ حفل سنوي في مصنع كسوة الكعبة المشرفة وتسلَّمُ الكسوة إلى كبير سدنة بيت الله الحرام، الذي بدوره يقوم بتسليمها إلى الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام المسجد النبوي، أما هذا العام فقد صدر أمر ملكي بتسليم كسوة الكعبة في العاشر من شهر ذي الحجة.
وتأتي آخر قطعة يتم تركيبها وهي «ستارة باب الكعبة المشرفة» من أصعب مراحل عملية تغيير الكسوة، وبعد الانتهاء منها يرفع ثوب الكعبة المبطن بقطع متينة من القماش الأبيض، وبارتفاع نحو ثلاثة أمتار من شاذروان (القاعدة الرخامية للكعبة) المعروفة بعملية «إحرام الكعبة» ويرفع ثوب الكعبة.