وذكر خبير تقنيات الطاقة المهندس محمد الغزال أن الحد من الانبعاثات الناتجة من إنتاج الهيدروجين الحالي تمثل تحديا، وتمثل كذلك فرصة لزيادة حجم الهيدروجين النظيف في جميع أنحاء العالم، حيث إن هناك نهجا عمليا يشمل التقاط وتخزين أو استخدام CO2 من إنتاج الهيدروجين من الوقود الأحفوري، ويوجد حاليا عدد من المنشآت الصناعية يتبع هذا النهج، وكذلك هناك نهج عملي يركز على أن تؤمن الصناعات إمدادات أكبر من الهيدروجين من الكهرباء النظيفة، لافتًا إلى تشغيل أكثر من 200 مشروع لتحويل الكهرباء والمياه إلى هيدروجين من أجل الحد من انبعاثات قطاعات النقل والقطاعات الصناعية واستخدام الغاز الطبيعي، أو لدعم دمج مصادر الطاقة المتجددة في نظام الطاقة.
الطاقة الحرجة
بيّن الغزال أن لدى العالم فرصة مهمة للاستفادة من إمكانات الهيدروجين الهائلة، موضحا أن الهيدروجين النظيف يتلقى حاليا دعما قويا في جميع أنحاء العالم. ومع توسع السياسات والمشروعات، يمكن أن يساعد الهيدروجين في معالجة عدد من تحديات الطاقة الحرجة، بما فيها المساعدة في تخزين الناتج المتغير من مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية الكهروضوئية والرياح، وتوفير طرق لإزالة الكربون من مجموعة من القطاعات، بما في ذلك النقل لمسافات طويلة والمواد الكيميائية والحديد والصلب. كما يمكن أن يساعد في تحسين جودة الهواء وتعزيز أمن الطاقة.
المتجددة والنووية
أوضح الغزال أن مجموعة واسعة من أنواع الوقود قادرة على إنتاج الهيدروجين، بما في ذلك مصادر الطاقة المتجددة والنووية والغاز الطبيعي والفحم والنفط، ويمكن نقل الهيدروجين كغاز عن طريق خطوط الأنابيب أو في شكل سائل عن طريق السفن مثل الكثير من الغاز الطبيعي المسال (LNG). كما يمكن تحويله إلى كهرباء وميثان، لتشغيل المنازل وصناعة الأعلاف، وإلى وقود للسيارات والشاحنات والسفن والطائرات.
ويمكن استخراج الهيدروجين من الوقود الأحفوري والكتلة الحيوية أو من الماء أو من مزيج من الاثنين معا، بينما يعد الغاز الطبيعي حاليا المصدر الرئيس لإنتاج الهيدروجين، حيث يمثّل ثلاثة أرباع الإنتاج العالمي السنوي من الهيدروجين، البالغ نحو 70 مليون طن، وهذا يمثّل نحو 6% من استخدام الغاز الطبيعي العالمي، ويتبع الغاز الفحم، بينما يتم إنتاج جزء صغير منه عبر النفط والكهرباء.
11200 سيارة
أبان الغزال أنه يوجد حاليا نحو 11.200 سيارة تعمل بالهيدروجين في جميع أنحاء العالم، ويمتلك الهيدروجين كثافة طاقة أكبر من أي ناقل كتلة آخر، ويمكنه أن يحل محل 3 أضعاف كمية البنزين، بكثافة طاقة وقود لا مثيل لها، ويمكن لأصغر جزيء في الكون (الهيدروجين) تغذية وإمداد أكبر العمليات الصناعية على وجه الأرض، بالإضافة إلى فائدته في تشغيل الزراعة والتبريد والتنقل وتخزين الطاقة.
تشكيل أسواق الطاقة
شدد الغزال على أن الاستثمارات في وقود الهيدروجين ستشكّل حصة متزايدة بشكل ملحوظ، من سيارات الهيدروجين ومنتجات خلايا وقود الهيدروجين، مما سيعيد تشكيل أسواق الطاقة.
وتُستخدم خلايا وقود الهيدروجين حاليًا في تشغيل الأنظمة الكهربائية على المركبات الفضائية، وتزويد الكهرباء على الأرض، وتم تطوير خلايا وقود صغيرة لتشغيل الأجهزة الإلكترونية مثل أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف المحمولة، وطور العديد من مُصنعي السيارات خلايا وقود الهيدروجين، لتشغيل المركبات.
ويمكن لخلايا الوقود توفير الكهرباء في حالات الطوارئ في المباني والمواقع البعيدة غير المتصلة بشبكات الطاقة الكهربائية، حيث تكون خلية الوقود أكثر كفاءة بمرتين إلى 3 مرات من محرك الاحتراق الداخلي الذي يعمل بالبنزين.
التكلفة العالية
كشف الغزال أن التكلفة العالية لخلايا الوقود، والتوافر المحدود لمحطات التزود بالوقود الهيدروجيني أديا إلى الحد من عدد المركبات التي تعمل بالوقود الهيدروجيني المستخدمة اليوم، وأن إنتاج المركبات التي تعمل بوقود الهيدروجين محدود، لأن الناس لن يشتروا تلك المركبات إذا لم يكن من السهل الوصول إلى محطات التزود بالوقود الهيدروجيني، ولن تبني الشركات محطات للتزود بالوقود إذا لم يكن لديها عملاء بمركبات تعمل بالوقود الهيدروجيني.
بديل للوقود التقليدي
قال أستاذ بحث مساعد مدير عام الإدارة العامة للاستدامة في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية الدكتور مروان محمود عبدالجواد: تطور الوقود الهيدروجيني كبديل مشجع للوقود الأحفوري التقليدي، نظرًا لقدرته على تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ومكافحة التغير المناخي كأخف وأكثر العناصر وفرة في الكون، ويمكن الحصول على الهيدروجين من مصادر مختلفة مثل الماء والكتلة الحيوية والغاز الطبيعي عند استخدامه في خلايا الوقود، وينتج الهيدروجين الكهرباء، وينبعث منه فقط بخار الماء، مما يجعله خيارًا نظيفًا ومستدامًا للطاقة، ويتميز بمرونته أيضًا، لذا يمكن استخدامه في المواصلات وتوليد الطاقة، وحتى التطبيقات الصناعية. مع ذلك، هناك تحديات تحتاج إلى التعامل معها مثل الإنتاج والتخزين والبنية التحتية للتوزيع من أجل استغلال الهيدروجين بالكامل كحل نظيف للطاقة.
مصدر نظيف للطاقة
أبان الأستاذ المشارك في الطاقة المتجددة والاستدامة بجامعة شقراء الدكتور محمد أحمد الغصاب أن السعودية تمتلك إمكانات هائلة في مجال الاقتصاد الهيدروجيني، ويُمكنها أن تصبح مركزًا رائدًا في إنتاج الهيدروجين الأخضر، ويمكن تصدير الهيدروجين الأخضر إلى الأسواق العالمية كوقود نظيف يستخدم في الصناعات ووسائل النقل.
ويمكن أيضًا استخدام الهيدروجين في توليد الكهرباء المستدامة وتخزين الطاقة. بالإضافة إلى ذلك، يُمكن استخدام الهيدروجين في تحسين قطاع النقل بالسعودية، حيث يُمكن تشغيل السيارات التجارية ووسائل النقل العام باستخدام الهيدروجين كوقود بديل نظيف، مما يقلل من انبعاثات الكربون، ويُحسن جودة الهواء. لكن توجد تحديات تتعلق بتكاليف الإنتاج والتوزيع والتخزين. ومع التطور التكنولوجي، فإن تبنى السعودية الابتكارات في هذا المجال سيُمكن من تحقيق نمو مستدام وازدهار اقتصادي عبر التوسع في استخدام الهيدروجين بالمستقبل.
التحديات التي تواجه اقتصاد الهيدروجين
1- يعد إنتاج الهيدروجين من الطاقة المنخفضة الكربون مكلفا في الوقت الحالي.
2- تطوير البنية التحتية للهيدروجين بطيء، مما يعيق اعتماده على نطاق واسع.
3- بعض اللوائح تحد حاليًا من تطوير صناعة الهيدروجين النظيف.
4- يتم استخدام الهيدروجين بالفعل على نطاق صناعي، ولكن يتم توفيره بالكامل تقريبا من الغاز الطبيعي والفحم.