يقال في المثل البدوي (اللي بالجلود ما يتغير إلى اللحود)، أي أن الشيء المتغلغل في الإنسان من صفات صعب أن يتغير إلى وفاته مهما حاولت معه!

صراحة كنت أريد أن أبدأ بمثل بدوي آخر، لكن خشيت أن يفهم بشكل خاطئ والمثل الشهير يقول (حطوا ذيل الكلب في البندق أربعين سنة وما اتعدل!) طبعا المثل فيه مبالغة لأن عادة الكلاب لا تعيش أربعين عاما، والمثل تقريبا يشبه المثل الأول في أنه صعب جدا تغيير صفات الشخص المتغلغلة فيه مهما حاولت إصلاحه وتعديله!

مناسبة المقال هي تصرفات وأحاديث بعض الأوربيين ونظرتهم العدائية لنا مهما حاولنا من تقديم حسن النية والمبادرات الحسنة لهم!

طلع لنا المستشار الألماني، وكما هي عادة العديد من السياسيين الألمان في مهاجمة السعودية! يقول ويؤكد المستشار الألماني أولاف شولتس، إن حكومته لن تسلم طائرات يوروفايتر المقاتلة للسعودية في المستقبل القريب.

طبعا هذا التصريح هو استمرار للتصريحات العدائية من ألمانيا اتجاه المملكة، طبعا سياسة النفاق المفضوحة من ألمانيا التي تدعي كذبا أنها لا تصدر أي معدات عسكرية للدول ذات النزاعات نفاق ممجوج، لأن المخازن الألمانية أصبحت شبه خالية من إرسال المعدات العسكرية لأوكرانيا!

تصور أن السعودية ودول الخليج تعامل بالمثل وتتخذ قرار ألا تصدر النفط لبعض الدول الأوربية المتورطة في نزاعات مثل في حرب أوكرانيا بشكل علني، لكن المملكة لا تفعل ذلك لأنها لا تسيس الاقتصاد والنفط كما يفعل العديد من الأوربيين!

وبالمناسبة، المملكة لو أرادت الحصول على يوروفاتير أو غيرها لحصلت عليها غصبا عن المستشار الألماني وشلته من المنافقين، ولديها من النفوذ ما يمكنها من الحصول على ما تريد لكن قرارها ينبع من احتياجاتها سواء اليوروفاتير أو غيرها، خصوصا أن ألمانيا في التايفون مجرد شريك من أربعة شركاء غيرها!

لو ذهبنا لتاريخ ألمانيا خلال العقود الماضية نجد أن ألمانيا مستمرة في السياسة العدائية ضد الخليج والسعودية، ورغم استفادة ألمانيا الكبيرة ورغم اختلال الميزان التجاري لصالحها ورغم عدم رغبتهم في شراء المنتجات الخليجية لتعديله!

فما زالت فكرة الدم الآري مسيطرة على عقول بعض الألمان! لذلك لن ينسوا أن أبناء الجزيرة هم من هدم إمبراطورية كسرى أو إمبراطورية الآريين! بالمناسبة اسم إيران يعني (أرض الآريين)!

تاريخ ألمانيا السياسي يظهر جليا أنها لم تجلب سياسيين من طراز رفيع إذا استثنينا بسمارك أم البقية تكملة عدد، ولا نشك أن السبب الأول لضعف أوروبا الحالي وقلة نفوذها السياسي والعسكري والاقتصادي هو أن ألمانيا من كانت تقود أوربا خلال الفترة السابقة! ضعف عسكري واضح بسبب سياسة ألمانيا خلال العقود السابقة، والأيام الحالية تثبت أن سياسة ألمانيا أضعفت أوربا عسكريا فلا تستطيع الدفاع عن نفسها أو عن أوربا، حتى ترمب رغم عدم خلفيته السياسية أثبتت الأيام أنه يفهم أكثر بمراحل من سذاجة السياسيين الألمان عندما حذرهم وكانوا يضحكون في (اللقطة الشهيرة) والآن يرى الجميع أن ضحكاتهم كانت ضحكات مجموعة من البلهاء الذين لا يعلمون أنهم لا يعلمون!

من حظ أوروبا أن بريطانيا بدهائها وأمريكا بإمكاناتها متورطتان في الحرب الأوكرانية وإلا لرأينا الجنود الروس يتمشون في وسط برلين!

أنصح السياسيين الألمان أن يستوردوا سياسيين بريطانيين لتعليمهم السياسة أو أن يعملوا (أوت سورسنغ) للسياسة الخارجية لبريطانيا وأن يدعوا أحدًا غيرهم يقود أوربا لعل وعسى يقوم حظ أوربا!

بعض الأوربيين عندهم نظرة عدائية للعرب وخصوصًا الخليج، ينظرون بحسد وغيرة كيف لهؤلاء العرب البدو أن ينتشر نفوذهم في كل العالم وأن يوفروا لشعوبهم كل هذا الرفاه والخير وينعم الله عليهم بخيره والأمن والاستقرار!

إن تصرفات حرق نسخ من المصحف الشريف في السويد والدنمارك تندرج تحت هذا الحسد والحقد الأوربي! هم يعرفون جيدًا أن هذا ليس حرية رأي بل جريمة كراهية، يحاولون إيذاء مشاعر 1.5 مليار شخص بسبب الحقد والغل، حرية الفرد تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين، لا أحد يستطيع أن ينكس علم المثليين لأنه في نظرهم جريمة كراهية لكن محاولة إيذاء مشاعر أكثر من مليار بكل تقصد هو حرية رأي!

الأوربيون هم أول من ينقض مبادئهم وقوانينهم عندما يتعلق الموضوع بمصالحهم! رأينا كيف نقضوا كل تعهداتهم وقوانينهم عندما رجعوا بقوة للفحم عندما يتعلق الموضوع بمحاولة الاستغناء عن غاز ونفط روسيا! ونسوا كل المثل والكلام عن البيئة والتغير المناخي ومعروف أن الفحم من أسوأ ملوثات البيئة!

يجب تذكير الأوربيين بمواقفهم ونفاقهم وبشكل متواصل، حتى لا يرجعوا يستشرفوا على العالم بعد فترة!

منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة، ذكر معاوية بن أبي سفيان وهو أحد دهاة العرب (كلُّ الناس أستطيع أن أرضيه إلا حاسد نعمة، فإنه لا يرضيه إلا زوالها) وهذا الحاسد هو العديد من الأوربيين!

المملكة حاليا بفضل الله أكبر وأقوى من حسد الأوربيين وتتقدم وتتطور كل يوم ولا يهمها جعجعة بعض السياسيين الأوربيين الوصوليين، لكن نلاحظ حاليًا ظاهرة سخيفة! أن بعض الشركات الأوربية والألمانية عندما تقابلهم في الخليج يبدؤون الشكوى من حكوماتهم ومن تصرفاتها وأنهم ضد تصرفاتها وكأنهم يحاولون أن يبعدوا أنفسهم عنها، وهذا التكتيك والحركات معروفة واللعب على الحبلين؛ حكومة تهاجم والشركات تدين علشان ما تخسر مشاريعها في الخليج! أو حكومة تهاجم وبعض السياسيين بالسر يرسل رسائل تطمين ومساندة، وهو تكتيك متفق عليه بين الحكومات والشركات! دائما ردنا عليهم واضح من اختار هؤلاء السياسيين أنتم؟! ومن يدعمهم في حملاتهم الانتخابية؛ أنتم أيها الشركات فاتركوا عنكم هذه الحركات! الخليجيون أذكى من أن تمر عليهم هذه الحركات المكشوفة!