الوداع صعب فما بالك إذا كان وداع شخص استثنائي، كما نقول بلهجتنا البدوية (أن أشهد أنه فقيده).

كان الدكتور خالد العوهلي شخصا استثنائيا في كل حالاته وصفاته، وفي شخصيته وفي علو أخلاقه وفي تعامله مع الجميع وفي عمله.

كثيرون يمرون على الإنسان في حياته من شتى البلاد والأجناس والخلفيات لكن القليل من يترك أثرا، وليس كأي أثر بل أثر طيب يمتد مع الإنسان لسنوات عمره.

لا تستطيع أن تملك عقول وقلوب الناس بالمال أو القوة أو السلطة لكن تستطيع ملكهم بالأخلاق وهذا هو منهج أبو عبدالله رحمه الله.

أبو عبدالله ولد لعائلة كريمة ترجع أصولها لمدينة عنيزة، وربما هذا أحد الأمور التي فيها بعض التشابه فقد ولدت لعائلة بدوية لكن ترعرعت وكبرت في الرياض بين أهالي عنيزة والمذنب الأعزاء جدا على قلبي، وكما هي عادة أهل عنيزة تاريخيا النبوغ وأيضا (السفر والسفراء)، كان أبو عبدالله متميزا جدا في دراسته وأكمل دراسته العليا في أفضل جامعات العالم في أمريكا، لكن رغم ذلك حافظ على ثلاث صفات كل من عرفه في كل المراحل يجمع عليها، حسن المعشر وسمو الأخلاق والتواضع فيترك أثرا في كل من تعامل معه أو زامله أو صادقه وخالطه.

تم تعيينه رئيسا لجامعة الخليج، ويبدو أن قدره أن يكمل مسيرة أهل عنيزة التاريخية في (السفر والسفراء) فمعروف عن أهل عنيزة وتاريخ العقيلات وكيف أنهم بنوا سمعة تاريخية وتجارة وأثرا كبيرا من الهند شرقا إلى المغرب العربي غربا، وما يميزهم أنهم كانوا ليسوا مجرد تجار عاديين بل كانت لهم بصمة مميزة في البلاد التي يسافرون لها حتى صارت أسماؤهم مقترنة بالنجاح في بعض مدن الخليج والعرب، وكان أبو عبدالله ربما هو العقيلي الأخير لكن تجارته هي كسب القلوب والعلم والتعليم والتطوير، كان محبوبا ومقدرا من كل دول الخليج سواء شعوبًا أو مسؤولين، وفعلا كان أبو عبدالله من أجمل وأرقى من عاشرت، وله أثر كبير إيجابي على جميع من زامله أو تلاميذه أو من تخرجوا من تحت يده، لم يكن فقط قائد جامعة فذ ولم يكن سفيرا رائعا لبلاده في دول الخليج فقط، بل كان أخا أو أبا للجميع، كان صاحب شعبية جارفة بنيت على الاحترام والحب والتواضع، وكان نعم المستمع الجيد، ويضرب المثل في نظافة يده واستقامته، وتم التجديد له عدة مرات بمساندة دول الخليج كأكثر رئيس في تاريخ الجامعة، فقد طور الجامعة وجعلها في مصاف الجامعات المتقدمة ولها سمعة طيبة في المنطقة والخارج، كان يملك رؤية مستقبلية استثنائية ويريد نقل الجامعة للمستقبل وخططه وإنجازاته تشهد على ذلك.

كان صاحب شخصية تدعو للاحترام داخليا وخارجيا، وعندما زار أبو عبدالله اليابان والتقى ببعض مسؤولي الجامعات، العديد منهم أبدى إعجابه بشخصية أبو عبدالله وأسروا لي وقالوا لي: نشعر بالراحة للتعامل والتعاون مع شخصية مثل د. خالد.

كان أبو عبدالله أخا لي وصديقا عزيزا قبل كل شيء، تعاملت معه لسنوات في العديد من المشاريع ولم يكن في يوم إلا مساندا ومشجعا، وكان يغمرني دائما بأخلاقه وتواضعه، تعلمت منه الكثير خصوصا من دروس تواضعه ومشورته ورؤيته المحترفة للأمور.

تعازيَّ الحارة لعائلته الكريمة ولوالديه ولإخوانه ولعائلة العوهلي جميعا.

وأعزي نفسي بفقدان أخي وصديق عزيز لي.

رحمك الله يا أبا عبدالله وغفر لك وأسكنك فسيح جناتك.

إنا لله وإنا إليه راجعون.