كشفت مصادر من داخل اجتماع المجلس الوزاري العربي لـ"الوطن" أن اتصالات مكثفة أجريت خلال وجود وزير الخارجية السوري وليد المعلم والوفد المرافق له في الدوحة، وقبل عودته إلى دمشق، بين أطراف عربية والحكومة الروسية، طلبت فيها هذه الأطراف من روسيا الضغط على دمشق للموافقة على الخطة العربية، وأن موسكو ضغطت بالفعل على النظام الذي أذعن للمبادرة العربية.

وكانت سورية وافقت على المبادرة العربية لوقف العنف وإجراء مؤتمر حوار وطني مع كافة أطياف المعارضة، وذلك خلال الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الذي انعقد مساء أمس في القاهرة.

وأكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم في مؤتمر صحفي في ختام الاجتماع موافقة سورية على إنهاء الأزمة، والإفراج عن المعتقلين بسبب الأحداث الراهنة، وإخلاء المدن والأحياء السكنية من جميع المظاهر المسلحة، وعلى فتح المجال أمام منظمات جامعة الدول العربية المعنية ووسائل الإعلام العربية والدولية للتنقل بحرية في جميع أنحاء البلاد للاطلاع على حقيقة الأوضاع ورصد ما يدور فيها من أحداث، وإجراء مشاورات من أجل الإعداد لحوار وطنـي شامل خـلال أسبوعـين. وأكد مجـلس الجامعة أنه سيبقى في حالة انعـقاد دائـم لمتابـعة الموقف وتطوراته.




وافقت سورية رسمياً أمس على خطة عربية تستهدف إنهاء أزمتها، عبر أربعة إجراءات، يتم تفعيلها على مدى أسبوعين، وتقود إلى "حوار وطني لا يستثني أي طرف في المعارضة". وقال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم آل ثاني، الذي ترأس الاجتماع الوزاري العربي الذي عقد بمقر جامعة الدول العربية بالقاهرة أمس، إن "الحكومة السورية وافقت على الخطة العربية لوقف العنف وإجراء مؤتمر حوار وطني مع كافة أطياف المعارضة". وأبلغ مصدر دبلوماسي سوري "الوطن" أن بلاده وافقت على الخطة العربية بعدما خاطب قرار المجلس الوزاري العربي "كافة الأطراف السورية" داعياً إلى وقف العنف، "دون الاقتصار على مخاطبة الحكومة السورية وحدها".

وتنص الخطة التي حظيت بالموافقة السورية على "وقف كافة أعمال العنف من أي مصدر كان حماية للمواطنين السوريين"، و"الإفراج عن المعتقلين بسبب الأحداث الراهنة"، و"إخلاء المدن والأحياء السكنية من جميع المظاهر المسلحة"، و"فتح المجال أمام منظمات جامعة الدول العربية المعنية ووسائل الإعلام العربية والدولية للتنقل بحرية في جميع أنحاء سورية للاطلاع على حقيقة الأوضاع ورصد ما يدور فيها من أحداث".

لكن بن جاسم لوح في مؤتمر صحفي عقده مع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، في ختام الاجتماع، باتخاذ إجراءات في حال لم تلتزم الحكومة السورية بعناصر الخطة، رغم تعبيره عن "السعادة" بالوصول إلى ذلك الاتفاق. وقال "إذا لم تلتزم سورية فإن الجامعة ستجتمع مجدداً وتتخذ القرارات المناسبة في حينه". وأظهر نص القرار الذي صدر عن الاجتماع أن الجامعة ترهن المضي قدماً في تلك الخطة بالتزام حكومة دمشق بها، حيث ذكر القرار أنه "مع إحراز تقدم ملموس في تنفيذ الحكومة السورية لتعهداتها تباشر اللجنة الوزارية العربية القيام بإجراء الاتصالات والمشاورات اللازمة مع الحكومة ومختلف أطراف المعارضة السورية من أجل الإعداد لانعقاد مؤتمر حوار وطني خلال فترة أسبوعين من تاريخه".

وقال العربي إن "الهدف الحقيقي والرئيسي هو تقديم حل عربي ينقل رسالة واضحة لها مصداقية إلى الشعب السوري بأن هناك نقلة نوعية تؤدي إلى وقف كافة أنواع العنف، وفتح المجال أمام منظمات الجامعة العربية ووسائل الإعلام لرصد ما يحدث في سورية وإجراء حوار وطني". ورغم أن القرار لم يحدد مكان الحوار الذي سيعقد في ختام فترة الأسبوعين، خاصة وأن سورية كانت عارضت إجراء هذا الحوار خارج أراضيها، فإن مصدراً دبلوماسياً عربياً أكد لـ "الوطن" أنه تم الوصول إلى حل وسط بين الجانبين العربي والسوري في هذا الصدد؛ تقبل فيه دمشق بإجراء الحوارات التمهيدية في مقر الجامعة العربية، على أن يكون الحوار النهائي والتوقيع على أي وثائق أو تفاهمات داخل سورية. ورغم ترحيب الجامعة بهذه الخطوة الإيجابية نحو حلحلة الأزمة السورية، فإن الاجتماع الوزاري حرص على تأكيد الاستمرار في مراقبة الأداء السوري حيال الالتزامات الأربعة التي تم إقرارها، حيث تضمن قرار المجلس تكليف اللجنة الوزارية بتقديم تقارير دورية إليه حول مدى إحراز التقدم في عملية تنفيذ تلك الالتزامات. كما تم تكليف اللجنة بمواصلة مهمتها في إجراء المشاورات والاتصالات مع الحكومة والمعارضة السورية لضمان عملية التنفيذ. وأكد المجلس أنه سيبقى في حالة انعقاد دائم لمتابعة الموقف وتطوراته.

وفي المقابل طلب المجلس الوطني السوري الذي يضم عدداً من تيارات المعارضة، من الجامعة العربية "تجميد عضوية" سورية، مؤكداً أن دمشق ردت على عرض وساطتها "بتصعيد القمع".

وفي سياق متصل كرر البيت الأبيض دعوته إلى الرئيس السوري للتنحي. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني للصحفيين أمس "موقفنا ما زال هو أن الرئيس الأسد فقد شرعيته ويجب أن يتنحى... نؤيد كل الجهود الدولية التي تستهدف إقناع النظام بوقف مهاجمة شعبه". وأبدى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمله في تنفيذ الاتفاق بين جامعة الدول العربية وسورية.

على الصعيد الميداني أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن 18 مدنياً قتلوا أمس في محافظة حمص. وأوضح المرصد في بيان أن خمسة أشخاص قتلوا بإطلاق رصاص في أحياء مختلفة من المدينة من قبل قوات الأمن والموالين لها، كما توفي شخص في حي الشماس متأثراً بجراحه، وعثر على جثمان سيدة مقتولة قرب موقف للحافلات في الشماس أيضا.