لا تنس بندقيتك..

لا تنس زوجتك..

يمكن للبنادق والنساء الصمود في كل شيء ما عدا النسيان..

عن الدراما التركية (المعجزة)

عبارات وصفت واحدة من أهم الحالات المؤدية لتآكل العلاقات ألا وهي حالة (النسيان).

وللنسيان مظاهر وأشكال متعددة، فالزوجات المهجورات، والأزواج الذين يعيشون التجارب المؤقتة، والانفصال العاطفي تحت سقف الزوجية وانعدام التوافق الفكري والنفسي، كل هذه وغيرها حالات عنوانها (النسيان).

وأسباب النسيان كثيرة، أشهرها ما نتعارف على تسميته (الزواج التقليدي) ويعتقد الكثيرون أنه ما يتم عن طريق الخاطبات أو ما ترتبه العائلات، وأن الزواج الذي يحدث عن طريق العلاقات العاطفية أو الاختيار الشخصي، خارج بالضرورة عن دائرة التقليدية، وهذا خطأ كبير.

الزواج التقليدي في رأيي، هو ما يحدث للأسباب الخاطئة أيا كانت طريقته.

إن الرغبة في الاستقلال عن منزل الأهل، أو الرغبة في الإنجاب وتكوين الأسرة، أو الانجذاب لشخص ما ومحاولة امتلاكه بشكل ما. كل هذه أسباب مفهومة. لكنها تبقى مؤقتة تتفاوت الدافعية إليها بمجرد تحققها وتكرارها. فإذا لم يكن لدى الزوجين شيء آخر يجدد المشاعر ويقوي الارتباط فالأمر في الغالب سيؤول إلى النسيان.

أعتقد أن الرغبة الحقيقية في (الانتماء) للآخر هي فقط ما ينقذ الزواج من مأزق التقليدية ويرد عنه هجمات النسيان.

والانتماء مفهوم رفيع ودقيق جدًا، ومرحلة متقدمة في العلاقات، لا يصل إليه الطرفان إلا بعد أن يتجاوزا اختبارات الحياة، ويجدان نقاط التلاقي في علاقتهما، وبعد أن يتشاركا المشاعر والأفكار والأحلام البعيدة واليوميات العادية والنقاشات العميقة والهزائم الصغيرة. بمعنى آخر أن تتشكل ذاكرة العلاقة وتتضح توافقاتها ويشعر كل طرف بأن الآخر بكل تفاصيله وكما هو غير قابل للاستبدال، وأنه بكل عيوبه وإخفاقاته مناسب ومقبول لا يحتاج للتغيير والإصلاح.

وحده هذا الاستعداد للانتماء والتوحد مع الآخر، هو ما يمكن أن يعد تتويجًا للعلاقة وهو ما يمنح الزواج احتمالات التشافي والتجديد واليقظة مهما طالت الرحلة.

ختامًا.. أعلم أن كثيرًا من الأسر تفتخر بأنها لا تسمح بإطالة فترة الخطوبة أو عقد القرآن لبناتها تحت مبدأ أن (خير البر عاجله)، وخوفًا من أن يؤدي التأخير إلى التراجع أو تغيير المواقف. وهذا خطأ في مزامنة الأحداث، إنه من المتأخر جدًا أن تكتشف الزوجة بعد الزواج أنها تزوجت رجلًا بخيلًا أو عنيفًا أو متعاطيًا، كما أنه من المتأخر أن يشتكي رجل من سطحية زوجته أو لا مبالاتها به أو ماديتها أو عدم توافقها.. إن غياب المعرفة بهذه التفاصيل يشير لوجود خلل جمعي تنطوي عليه البدايات. وكأنما الزوجان يقضيان وقتهما على الشاطيء في المجاملات وتنويع الأقنعة، ويؤجلان اكتشاف حقائق الموقف إلى عرض البحر، مع شدة الريح وعلو الموج وضبابية الرؤية وصعوبة العودة.