أثار تحرك الرئيس فولوديمير زيلينسكي للمساواة بين الفساد في زمن الحرب والخيانة رد فعل عنيفًا من المسؤولين والهيئات الرقابية، الذين حذروا من أن الخطة قد تعوق قوات مكافحة الفساد الرئيسية في أوكرانيا.

ويقول اثنان من كبار المسؤولين الذين يتابعون الاقتراح، إن المخاوف تتزايد داخل وكالات مكافحة الكسب غير المشروع في أوكرانيا من أن خطة زيلينسكي ستأخذ قضايا الفساد الكبرى بعيدًا عن إشرافهم وتمريرها إلى جهاز الأمن الأوكراني (SBU). والتي تقع تحت أمر الرئيس. ومن المحتمل أن يتمتع جهاز الأمن الأوكراني بسلطة دفن قضايا الفساد التي تشمل كبار المسؤولين.

ويضيفون أن هذه الخطوة يمكن أن تضع البنية التحتية لمكافحة الفساد في أوكرانيا تحت التهديد، وتدق هيئات مراقبة مكافحة الفساد ناقوس الخطر.

وذكر فيتالي شابونين، رئيس مركز مكافحة الفساد (Antac)، وهي منظمة أوكرانية غير حكومية تراقب الفساد، أنه من خلال مساواة الفساد بالخيانة، فإن مكتب زيلينسكي يتلاعب برغبة الجمهور في العدالة.

تدمير الأدلة

وأضاف شابونين أن مكتب زيلينسكي يسعى في الواقع إلى تحقيق أهداف أخرى منها حماية المسؤولين رفيعي المستوى من تهم الفساد.

و«سيقوم جهاز الأمن الأوكراني بالتحقيق في نفس القضايا التي يجريها NABU [المكتب الوطني لمكافحة الفساد في أوكرانيا]، مما يعني أنه سيتم تدمير الأدلة في القضايا (الحساسة) الخاصة بمكتب الرئيس».

وحذر قائلاً: «بعد أن تم نقل قضية [نائب رئيس مكتب الرئيس أوليغ] تاتاروف من المكتب الوطني الأوكراني إلى جهاز الأمن الأوكراني - تم دفنها هناك... والآن يريد المكتب وضع ذلك موضع التنفيذ».

ومع بدء الصحفيين وأجهزة مكافحة الكسب غير المشروع في الكشف عن المزيد من مخططات الفساد المزعومة خلال الأشهر الأولى من غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي بدأ في فبراير 2022، يعتقد زيلينسكي أن تلك الأيام كانت صعبة للغاية لدرجة أنه يجب على المسؤولين أن يتراخوا بعض الشيء.

«فبراير ومارس 2022 – كانت معركة من أجل وجود أوكرانيا. إذا رأيت قضايا الفساد مؤرخة في ذلك الوقت، فإنني أطالب بأدلة قوية».

وقال زيلينسكي في مقابلة متلفزة: «إذا كان هناك [دليل] واحد، فيجب معاقبة المذنب من قبل المحكمة، وليس الرأي العام». «أما بالنسبة لفكرتي المتمثلة في مساواة الفساد بخيانة الدولة في زمن الحرب، فأعتقد أنها ستكون أداة خطيرة للغاية لجعلهم لا يفكرون حتى في الأمر [الفساد]».

وذكر (Antac) في بيان إن ذلك سيعني عمليا انهيار نظام مكافحة الفساد.



نظريات مؤامرة


وقال (Antac) في بيان: «وفقًا لمصادر مركز مكافحة الفساد، فإن مشروع القانون سيعطي الحق في التحقيق في كبرى قضايا الفساد لجهاز الأمن الأوكراني - وهو جهاز أمني يسيطر عليه مكتب الرئيس». وقد ذكرت وسائل الإعلام الأوكرانية مسؤولين كبارا حاليين وسابقين في جهاز الأمن الأوكراني على أنهم قريبون من مكتب زيلينسكي - وهو اتهام رفضه أندريه ييرماك، اليد اليمنى لزيلينسكي ووصفه بأنه «نظريات مؤامرة».

وتحرك زيلينسكي لبدء عملية تغيير القانون بعد الكشف عن قضية فساد أخرى في زمن الحرب الأسبوع الماضي، حيث تم تسمية اثنين من المسؤولين الأوكرانيين رفيعي المستوى كمشتبه بهم في مخطط اختلاس يتضمن شراء مساعدات إنسانية.

وأضاف أن مكتبه سيقدم مشروع القانون إلى البرلمان الأوكراني في غضون أسبوع.

وقال زيلينسكي: «هذه هي الطريقة لمحاربة الفساد».

عرض المقترحات

وأوضح زيلينسكي: «لقد حددت مهمة، وسيتم عرض مقترحاتي على المشرعين الأوكرانيين بشأن مساواة الفساد بالخيانة العظمى في زمن الحرب». «أنا أفهم أن مثل هذا السلاح لا يمكن أن يعمل بشكل مستمر في المجتمع، ولكن في زمن الحرب، أعتقد أنه سيساعد».

وجذبت فضائح الفساد في إدارة زيلينسكي اهتماما متزايدا في نفس الوقت الذي تسعى فيه البلاد لبدء محادثات العضوية مع الاتحاد الأوروبي.

وقالت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني لشؤون التكامل الأوروبي والأوروبي الأطلسي، أولها ستيفانيشينا، خلال مؤتمر عقد في كييف في وقت سابق من هذا الشهر، إن الموعد النهائي للتقدم في أوكرانيا المكون من سبع خطوات يقترب في أكتوبر، ولم تنفذ البلاد حتى الآن سوى خطوتين فقط. ومع ذلك أقر الشركاء بالتقدم الهائل الذي حققته أوكرانيا خلال الحرب، وما زالت تأمل في أن تبدأ محادثات الانضمام في ديسمبر.



مسؤولية زيلينسكي

على الرغم من أن زيلينسكي شخصيًا لم يتورط في أي قضية، إلا أن حوالي %77 من الأوكرانيين يعتقدون أنه مسؤول عن الفساد المستمر في الحكومة والإدارات العسكرية المحلية، وفقًا لاستطلاع أجرته مؤسسة المبادرات الديمقراطية إيلكو كوتشيريف والذي نُشر في بداية أغسطس.

ورد حلفاء زيلينسكي على أي اقتراح بأنه المسؤول، وسط فضائح متكررة هزت الحكومة في عام 2023 في قطاعات المساعدات الإنسانية والتجنيد والمشتريات العسكرية. وهم يدعمون تحرك الرئيس لوضع الفساد في زمن الحرب على قدم المساواة مع الخيانة.

وقال ميخايلو بودولياك، مستشار رئيس مكتب زيلينسكي، لصحيفة بوليتيكو إن مبادرات الرئيس ستعزز البنية التحتية لمكافحة الفساد وفعاليتها.

«يبدأ الرئيس هذه المناقشة لوضع إشارة (مساواة) واضحة في الوعي الجماهيري بين الفساد في زمن الحرب والخيانة». وقال بودولياك إن تشديد العقوبة على جرائم الفساد وإلغاء إمكانية الإفراج بكفالة عن المتهمين بالفساد دليل على جدية نواياه.



أهداف أخرى يسعى لها مكتب زيلينسكي:


حماية المسؤولين رفيعي المستوى من تهم الفساد

الحصول على أدوات وتأييد لتدمير المعارضين