لبيك اللهم لبيك. إنها عرفات.. ويومها "الركن الأعـظم". هـنا حيث ترتفع أصوات الدعاء منذ مئات السنين. قـرون مضـت وهـذه "الطاهرة" لم تسلب منها روحها.. ظلت تمثل الخارطـة الأنـقى للعالم، وممثلو البشرية ينتشـرون فوق جبالها وواديها وتـحت ظل أشجارها بسلام. سكان دول عدة يقفون اليوم صفا صفا، ويرفعون إلى الله إقرارهم الأوحد: إن الحمد والنعمة لك والملك.. لا شريك لك. أصوات بكاء ونحيب تختلط برجاءات الغفران في عرفات. وجوه تلتقي للمرة الأولى وتختم لقاءها هنا، وسيل دموع يغرق الخدود واللحى، جوار جبل الرحـمة.. ابتغاء اسمه. البعيدون من هنا، يعرفون أن الحجاج في عرفات هم أكثر من يطلب العفو والرحمة.. تنعكس رهبتهم وخوفهم على تجمعاتهم في وسط المشعر وأطرافه، التي تبدو ساكنة بلا حراك على شاشات التلفزيونات العالمية، هم يطلبون رحمة ربهم ويلحون في طلب مغفرته من هذا الوادي الحرام. إنها صورة العالم اليوم.