في وقت أصرت فيه وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية ومن خلال تعقيب لها على ما نشرته «الوطن» في عددها الأسبوعي رقم 8171 تحت عنوان (12 ألف مجهول نسب ينتظرون إضافة الألقاب إلى أسمائهم) على أنه كان على الصحيفة التواصل مع المصدر الرسمي (المتحدث الرسمي) للوزارة للحصول على معلومات (صحيحة) قبل نشر تقريرها المشار إليه، تؤكد «الوطن» أنها حاولت الاتصال بالمتحدث الرسمي، وأرسلت له رسالة واتس استفسارية، أعقبتها باستفسار أرسل عبر المنصة المخصصة لاستفسارات الصحفيين، لكنها لم تجد أي رد أو إفادة، وبعد أن نشرت تقريرها بتاريخ 8 سبتمبر الحالي، بعد أن انتظرت رد الوزارة منذ 20 أغسطس الماضي، سارعت الوزارة للتعقيب طالبة التواصل معها، متجاهلة أن التواصل بدأ قبل أكثر من أسبوعين من النشر دون رد.

رد الوزارة

وكانت الوزارة أرسلت ردا لـ«الوطن» بعد النشر، جاء فيه:

«إشارةً إلى التقرير الصحفي الذي نشرته صحيفتكم في عددها الأسبوعي رقم 8171

بعنوان (12 ألف مجهول نسب ينتظرون إضافة الألقاب إلى أسمائهم)، تود وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تصحيح المعلومات الواردة في التقرير وهي على النحو التالي:

أولًا: تحرص الوزارة على تقديم الدعم للمستفيدين من خدماتها التنموية ومنهم فئة «الأيتام»، حيث تعكف كجهة مسؤولة عن تلمس احتياجاتهم وتلبيتها والإشراف على ما يقدم لهم من خدمات من قبل الجهات ذات العلاقة كالمؤسسات الإيوائية والأسر الحاضنة، إضافة إلى ما يقدمه القطاع غير الربحي ممثلًا بالمؤسسات والجمعيات الخيرية.

ثانيًا: تود الوزارة التأكيد على حرصها التام بأن تكون هذه الخدمات ضمن أفضل الممارسات العالمية للتنمية الاجتماعية، حيث يتحقق من خلالها الانتقال بالأيتام من دائرة الرعاية إلى دوائر التنمية والتمكين وهو ما تهدف إليه رؤية السعودية 2030.

ثالثًا: تستغرب الوزارة ما اتجهت له الصحيفة وما ذكرته في هذا التقرير من معلومات وإحصائيات عن الأيتام دون التحقق من مدى صحتها، إذ ينبغي عليها التواصل مع المصدر الرسمي واستقاء المعلومة الصحيحة من الجهة المعنية ذات العلاقة والتثبت منها قبل نشرها، وحيث إن صحيفتكم من الصحف المهمة والمقروءة، ويقع على عاتقكم دور كبير في طرح القضايا التي تتعلق بجهود المملكة مُمثلة بالوزارة والجهات الشريكة معها من خلال إبراز الجوانب الإيجابية والمشرقة لهذه الفئة الغالية على المجتمع، والتي تعمل الوزارة جاهدة في توفير كافة السبل لتمكينها ودمجها في المجتمع، حيث قامت الوزارة بتأمين أكثر من 1000 وحدة سكنية للأيتام خلال 3 سنوات، وبالتعاون مع وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان تقدم الوزارة خصمًا بنسبة 33%؜ من قيمة الوحدة وتتولى مؤسسة الإسكان التنموي الأهلية تقديم الدعم اللازم من خلال التكفل بدفع 33% ؜من قيمة الوحدة، كما تتولى المؤسسة الخيرية لرعاية الايتام «إخاء» دفع 33% من قيمة الوحدة السكنية بعد التأكد من اكتمالها وجاهزيتها للتملك.

رابعًا: ذكر التقرير أن الوزارة لم تحسم قضية إضافة لقب مشمول بـ(ال التعريف) لنهاية أسماء الأبناء مراعاة لأوضاعهم ورفعا للحرج عنهم، وعليه نؤكد أن هذه المعلومة غير صحيحة، حيث أتمت الوزارة منذ عدة سنوات معالجة ذلك بالتعاون مع الجهات المعنية وأصحاب العلاقة، ويُمكن للأبناء الأيتام حرية اختيار الاسم وإضافة (ال التعريف) إلى أسمائهم وفق ما تقتضيه الأنظمة والقوانين المتعلقة بذلك. وحفاظا على خصوصية الأيتام ورفع الحرج عنهم إنسانيا لم يتم التطرق للموضوع.

خامسًا: أما بخصوص ما نقله التقرير على لسان أحد الأبناء بشأن انتقال مكان رعايتهم ومقدار التباين والاختلاف الذي حدث في خدمات الرعاية الإيوائية عن السابق، نوضّح أن جميع الخدمات المقدمة تحظى بإشراف ومتابعة مستمرة من قبل الوزارة، وأن انتقال خدمات الرعاية من المؤسسات الإيوائية إلى رعاية الأسر الحاضنة والقطاع غير الربحي أتى ضمن خطة تكاملية تندرج ضمن إستراتيجية الوزارة لقطاع التنمية التي تسعى من خلالها إلى تمكين الأفراد ورفع كفاءة الخدمات المقدمة، وتعميق الأثر لدور القطاع غير الربحي في خدمة الفئات المستفيدة، حيث تخضع حوكمة وإشراف ومتابعة جميع الجمعيات للمركز الوطني للقطاع غير الربحي بالمواءمة مع الوزارة، حيث يعمل على وضع المعايير والمؤشرات اللازمة لتحسين كفاءة وجودة الخدمات المقدمة.

سادسًا: وبالنسبة للحالة المذكورة في التقرير المنشور، تُفيد وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بأن هذه الحالة هي لأحد أبناء المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام، والذي قُدمت له كغيره من الأبناء خدمات الدعم والمساندة في جانب التعليم والتوظيف وتوفير المسكن، والمصروف الشهري، حيث تسعى الوزارة والجهات الشريكة من ذلك إلى الارتقاء بجودة الحياة وتحقيق التمكين لهذه الفئة الغالية وفق الأنظمة واللوائح المعمول بها.

سابعًا: أما بخصوص ما ذكره التقرير من عدم توفر فرص وظيفية للأبناء الأيتام تؤكد وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية على دعمها واهتمامها بهذا الملف؛ وذلك من خلال إنشائها لعدة مسارات لتمكينهم ودمجهم في المجتمع، ففي مسار التعليم الجامعي تم تحقيق نسبة قبول إلى 100% للأبناء الأيتام في عدد من الجامعات وفي مختلف التخصصات المتوافقة مع متطلبات سوق العمل، مع قيام الوزارة بالتكفل بالرسوم الدراسية لهم، كما عملت الوزارة على توفير مسار خاص بالتوظيف، ونجحت في توفير أكثر من 600 فرصة وظيفية خلال عامين، ووضعت الوزارة بالتزامن مع ذلك خطة ممنهجة لمتابعة المسار التوظيفي للأيتام بالتعاون مع برنامج التوطين والجهات الشقيقة مثل صندوق تنمية الموارد البشرية «هدف»، كما عملت على عقد عدد من الاتفاقيات الداعمة مع القطاع الخاص لتخصيص شواغر تخدم الأيتام ودعم أولوية توظيفهم. وفي مسار التأهيل، تم تدريب أكثر من 3261 يتيمًا ويتيمة ممن هم على قائمة التوظيف أو على رأس العمل، وتزويدهم بالدورات التدريبية المؤهلة لهم في سوق العمل، أما فيما يخص مسار الزواج وما ذكر عن نسبة العزوف عنه، فقد ارتفع مؤشر الزواج بين الأيتام إلى ما يقرب من 30% بعد قيام الوزارة بوضع الحلول لمعوقاتهم المادية والمعنوية وتأهيلهم مما أسهم بتحقيق أهداف الوزارة في تمكينهم الكامل ودمجهم في المجتمع.

ثامنًا: تعمل الوزارة على دعم وتمكين الأيتام حتى بعد استقلالهم من خلال إتاحتها استقبال الاستفسارات الخاصة بهم عبر منصات التواصل الاجتماعي التابعة لها، إضافة إلى الرقم الموحد والموقع الرسمي.

ختامًا نكرر شكرنا لسعادتكم لاهتمامكم الدائم بأنشطة وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية».

ونسعد باستقبال وتوفير المعلومات لجميع الزملاء الصحفيين من خلال منصة الاستفسارات الإعلامية:

https://www.hrsd.gov.sa/ar/node/460254».

تعقيب الوطن

تؤكد «الوطن» أن الإحصائيات المذكورة في تقريرها تتلخص في جزئيتين؛ الأولى عدد الأيتام المسجلين في الوزارة، والرقم الذي أوردته جاء بناء على تصريح صحفي لوكيل الوزارة السابق عبدالله اليوسف، وهو مسؤول يقع على عاتقه الإشراف على كافة الفروع الإيوائية التابعة للوزارة (الإدارة العامة لرعاية الأحداث ـ الإدارة العامة لرعاية الأيتام ـ الإدارة العامة لرعاية المسنين ـ الإدارة العامة للتأهيل)، وجاء تصريحه ضمن فعاليات اليوم العالمي لليتيم المقام في 3 أبريل 2013، وقد سبق لـ«الوطن» مثل معظم الصحف المحلية أن نشرت ذلك التصريح في حينه. وفيما يتعلق بعدد الأبناء الذين يشتكون من سوء المعاملة ممن سبق لهم الإقامة في دار التربية الاجتماعية للبنين بمكة المكرمة، فالصحيفة استندت في ذلك إلى شكوى قدموها للوزارة تحتفظ «الوطن» بنسخة منها.

أبناء بلا إضافة

فيما يشير التعقيب إلى أن الوزارة أتمت منذ سنوات معالجة إضافة «ال التعريف» للاسم الأخير لأسماء الأيتام، إلا أن جميع الأبناء المحالين من دار التربية الاجتماعية بمكة المكرمة خلال الفترة من عام 1421 وحتى 1432 للهجرة إلى الجمعية الخيرية، لم يتمكنوا من إضافة اللقب حتى الآن، ولم يتم إخطارهم من قبل الوزارة بهذا الحق.

وفيما يتعلق بما ورد في التعقيب من أن الوزارة تتابع برامج الرعاية والخدمات التي تقدم للأبناء لدى الأسر الحاضنة أو في الجمعية، فإن الصحيفة لم تُشر لا من قريب ولا من بعيد لمشروع الأسر الحاضنة كونه من الملفات المزمنة التي تحتاج بعض الإسهاب، وهي تعمل عليه حاليا.

وأما تأكيد الوزارة على متابعة مستوى الخدمات والرعاية، فإن تأكيدها يتصادم مع حقائق توصل لها التقرير، ومنها:

ـ وفاة الابن «عمر» الذي عثر عليه في مقر إقامته بإحدى الجمعيات بأم الجود مفارقا للحياة، وكان في حالة «تصلب» مما يعني أن الوفاة مضى عليها وقت ليس قصيرا.

ـ الحالة الثانية للابن «صقر» الذي عثر عليه من قبل زملائه فاقدا للوعي في غرفة نومه، وبعد نقله إلى مدينة الملك عبدالله الطبية بجهود فردية منهم، تبين تعرضه إلى أزمة قلبية بسبب معاناته من السمنة المفرطة وظل تحت الملاحظة لنحو أسبوعين.

ــ الحالة الثالثة لابن ترمز «الوطن» تسمه بـ«س»، لحساسية حالته، والذي وقع في براثن المخدرات نتيجة غياب الرقابة والمتابعة، وصدر بحقه تقرير من مستشفى الصحة النفسية، يتضمن إصابته بحالة اكتئاب نفسي ثنائي القطب، مصحوبا بأعراض ذهانية تتمثل في ضلالات وتوهمات، وهلاوس سمعية وبصرية نتيجة للإدمان.

ـ حالات أخرى: تحتفظ «الوطن» بعدد من الوثائق الموجهة من قبل الجمعية لعدد من الأبناء تطالبهم فيها بمغادرة سكن الجمعية قبل توظيفهم، وتجاوز الأمر إلى حد اتهام عدد من الأبناء بعد مغادرتهم للجمعية بتسببهم في فقدان أجهزة التكييف.

تعامل فردي

يتحدث تعقيب الوزارة عن حالة ابن طلب في رسالته الضوئية التي وجهها لأحد المسؤولين سرعة توظيفه، وأنه ـ وفقا للتعقيب ـ تم توظيفه، وهنا يلاحظ أن التعقيب يتعامل مع الشكوى وكأنها حالة فردية، والصحيح أن الشكوى التي تحتفظ بها «الوطن» تتحدث عن نسبة كبيرة جدًا من الأبناء يعانون من عدم التوظيف أو عدم مناسبة الوظائف لتخصصاتهم الجامعية.