الخُطبة هي ما يُقال من كلام مباشر ،أمام جموع الناس لتنوع المناسبات والموضوعات بهدف الوعظ ولفت الانتباه إلى ظاهرة معينة في حياتنا.

وجرى توافق المتلقين منذ القِدم على أن التفاعل والإنصات وقبول الخطبة يقترن بفن الإقناع، عدم الإطناب ، اختيار الأسلوب الأمثل لعرض الفكرة ، وربما ينتهي بعض الوعاظ من الكلام وقد أصاب الحضور بالملل والضجر، ويزيد الطين بلة حين يكون صوت الواعظ حاداً مع رفع مكبرات الصوت.

وثبت علمياً وعملياً أن الصوت العادي من 30 إلى 60 حسب قياس ديسيبل ، فإن زاد على 85 درجة يمكن أن يسبب ضرراً للإنسان ، ويجعل حضوره مجرد سماع.

والسماع صرف السمع وعدم الاهتمام ، بينما الاستماع هو الانتقاظ لما يرغب الشخص سماعه في حين أن الإنصات

يعني التركيز الدائم.

يقول الجاحظ."من لم ينشط لحديثك فارفع عنه مؤنة الاستماع إليك."

ويُعَرف المفكر محمد كرد عبر كتابه"في تراث العرب والمسلمين" الخطابة بأنها صناعة الرسل عليهم السلام لأنهم يدعون إلى الله ويُكلفون بإرشاد الخلق وهذا يقتضي البلاغة والبيان المتناهي".

أما الفيلسوف ابن رشد فيصف الخطابة بأنها "صناعة تتكلف الإقناع الممكن في كل مقولة من المقولات"

وقال عنها أبو البقاء"إنها الكلام النفسي الموجه به نحو الغير للإفهام".

وكانت العصا أو المِخّصرة من أهم أدوات الخطيب أو الواعظ

لما لها من تأثير معنوي، ولازال البعض في عصرنا الحاضر يحرصون عليها.

ونُقل عن الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك قوله :

"لو ألقيت الخيزرانةَ من يدي لذهب شطر كلامي"

وأتذكر قبل عام أن الصديق المثقف زميل الدراسة "سعد بن عايض آل حامد" اقترح فتح حسابات للخطباء والوعاظ على منصة التواصل "x "بالتنسيق مع الجهة المختصة لمعرفة أراء، وتقييم المجتمع.

وقال "الخطابة تراث عربي أصيل ، احتلت مكانة مرموقة في تاريخنا الأدبي والاجتماعي، لأنها وسيلة اتصالية بالغة التأثير ، أقوى من بعض وسائل التواصل الحديثة."

ويتساءل البعض عن مدى نجاح فكرة الخُطب الاجتماعية الاحتفالية في أماكن تجمعات الناس والحفلات ، بشرط تميزها، بحيث لا تتجاوز كل خطبة 10 دقائق يشارك فيها عدد من المختصين في الاقتصاد ،التاريخ ،التنمية ، العلوم الفنون ، الطب النفسي الرياضة ، التراث ، الاجتماع ، الإعلام ، الإعجاز العلمي؟

وهل يمكن نجاح إدراج الخطابة المباشرة مستقبلاً ضمن برامج السياحة وكل مناسباتنا الوطنية العزيزة مع ترجمتها ليستفيد منها غير الناطقين بالعربية.؟.