لا أحد ينكر مساهمات السعودية التاريخية في منظمة أوبك، وضمان استقرار الأسعار في أسواق النفط العالمية، ولعل نقل مقر أوبك للرياض هو أمر منطقي في ظل ما تشهده المملكة من تحولات مذهلة ملفتة للنظر من رؤية المملكة 2030 إلى رؤيتها 2040.

القرار النفطي العالمي صناعة سعودية بإمتياز، ولا شك أن دول أوبك أدركت ذلك مع الوقت لتخرج من قبعة من يتحكمون في السوق بطريقة سلبية ولا تهمهم إلا مصالحهم الضيقة، ولا ينظرون للمصلحة العامة العالمية.

منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) هي منظمة حكومية دولية مكونة من 13 دولة منتجة للنفط، 12 منها في الشرق الأوسط، وواحدة في أفريقيا. تأسست في 14 سبتمبر 1960 في بغداد من قبل الأعضاء الخمسة الأوائل (إيران والعراق والكويت والمملكة العربية السعودية وفنزويلا)، ومقرها الرئيس في فيينا عاصمة النمسا منذ عام 1965، رغم أن النمسا ليست دولة عضو في أوبك!.

تهدف منظمة أوبك إلى تنسيق وتوحيد السياسات النفطية بين الدول الأعضاء، من أجل تأمين أسعار عادلة ومستقرة لمنتجي النفط، وإمدادات فعالة واقتصادية ومنتظمة من النفط إلى الدول المستهلكة؛ وعائد عادل على رأس المال لأولئك الذين يستثمرون في الصناعة النفطية.

تمتلك الدول الأعضاء في أوبك حوالي %80 من احتياطيات النفط المؤكدة في العالم، وتمثل حوالي %40 من الإنتاج العالمي للنفط. تلعب المنظمة دورًا مهمًا في تحديد أسعار النفط العالمية، وقد أثرت سياساتها بشكل كبير على الاقتصاد العالمي.

واليوم تلعب المملكة هذا الدور المستنير إقليميا في الشرق الأوسط وعالميًا وذلك في ظل مبادراتها العديدة، وأعتقد أن زيادة رقعة تأثير المملكة دوليًا هو قوة ناعمة وأمر مهم ودبلوماسية ينبغي التفكير فيها، ولا ينطبق الأمر على أوبك فقط بل كل منظمة يمكن استضافتها في السعودية، ولعل إشارات التوجه لهذه السياسة هو إعلان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن تأسيس منظمة عالمية للمياه، مقرها العاصمة الرياض، في ظل توقعات بمضاعفة الطلب العالمي على المياه، بحلول عام 2050.

المملكة اليوم وبالأمس صانعة قرار دولي، والرياض اليوم ليست مدينة اعتيادية بل مدينة دولية تستضاف فيها المؤتمرات العالمية، ويلتقي فيها قادة العالم والأعمال وكذلك قادة التخصصات المختلفة، وأعتقد أنه من المناسب جدًا في ظل جهود المملكة الواسعة على الصعيد الدولي النفطي أن ينقل مقر أوبك للرياض، وهذه سياسة ليست فقط بدايتها أوبك بل منظمات أخرى، لنصنع بذلك التأثير الدولي الذي ينقل الصورة الحقيقة من أرض الواقع. نريدهم أن يروا السعودية الحقيقية ويستثمروا فيها.