على ضوء خبرتي الممتدة لربع قرن في القطاع الخاص، يمكنني أن ألقي الضوء على ظاهرة التسرب الوظيفي وأسبابها في هذا القطاع المهم، فالتسرب الوظيفي مصطلح يشير إلى ظاهرة انتقال العاملين من مؤسسة إلى أخرى بصفة متكررة، وقد يتسبب في تدهور الاستقرار الوظيفي والتنمية المستدامة للشركات والمؤسسات.

ويعد القطاع الخاص بيئة تنافسية تسعى دائمًا لجذب الكفاءات العالية والاحتفاظ بها، ومع ذلك، فإن التسرب الوظيفي يعتبر تحديًا يواجه العديد من المنشآت في القطاع الخاص على وجه التحديد.. تعزى هذه الظاهرة إلى عدة أسباب محتملة.. من أهمها:

• عدم توافر فرص التطوير المهني والنمو الوظيفي، مما قد يشعر العاملون بالإحباط.

• انخفاض الأجور.

• عدم توفر حوافز ملائمو.

• بيئة عمل غير صحية.

للحفاظ على الموظفين الأكفّاء في المنشأة ينبغي تقديم فرص لتطوير معارفهم وتعليمهم مهارات جديدة لتفادي بحث العامل عن فرص أكثر جاذبية في منشآت أخرى، كما ينبغي النظر في موضوع أجور العاملين باستمرار والتأكد بأنها تتماشى مع الظروف الاجتماعية المحيطة بهم، كما يلزم المنشأة إعادة النظر في الحوافز المقدمة لكوادرها؛ لأنها تلعب دورًا مهمًا في نفسية العامل، إيجابًا وسلبًا، وتجعله يفكر أو يستبعد التفكير في الانتقال إلى مكان آخر.

كذلك تلعب بيئة العمل وثقافة المنشأة دورًا مهمًا في تحفيز الموظف للبقاء أو الرحيل، إن بيئة العمل الصحية والعلاقات بين الزملاء داخل المنظومة لها بالغ التأثير الإيجابي، والعكس صحيح وينعكس على رغبة العامل في الاستمرار في المنشأة أو الرحيل.

أخيرًا، من المهم الإشارة إلى أن التسرب الوظيفي في القطاع الخاص ليس ظاهرة مستفحلة في الوسط المهني، بل هي قابلة للتدارك من خلال اتخاذ إجراءات للحد منها والحفاظ على الموظفين المهرة في حال شرعت المنشآت في توفير فرص التطوير المهني والتدريب المستمر، وتعزيز بيئة العمل الصحية المفعمة بالتحفيز.

كما يجب على المنشآت أن تكون عادلة في توفير الأجور والمزايا المالية، وتقديم فرص للترقيات والتطور الوظيفي.

باختصار، التسرب الوظيفي في القطاع الخاص يمكن أن يكون تحديًا حقيقيًا يواجه الشركات والمؤسسات، ومع ذلك، يمكن للشركات اتخاذ إجراءات للحد منه والحفاظ على الموظفين الأكفاء بالتركيز على النقاط المشار إليها آنفًا.. وبهذا يمكن للمنشآت بناء فرق عمل قوية ومتميزة، وتعزيز استقرارها ونجاحها في المستقبل.