قبل أن نبدأ مقال اليوم، أحبذ أن أعلق على مقال الأسبوع الماضي عن وكلاء السيارات، ومن باب الشيء بالشيء يذكر، نصحنا وكلاء السيارات أن يتكيفوا ويتطوروا مع المستقبل والرؤية، وأن بقاء الحال من المحال في هذا العالم سريع التغير، وخرج بعد المقال بيومين خبر أن أمازون ستبيع سيارات جديدة عبر الإنترنت بدءا من طرازات هيونداي، يعني السيارات مستقبلا ستصبح مثل بقية المشتريات «أونلاين»!.

الآن نرجع لمقال هذا الأسبوع، وهو البشر أهم من الحجر، إذ كتبنا مقالات عدة سابقة عن المطارات والطيران، وذكرنا خصوصا مطار الملك عبدالعزيز، حتى قبل أن يتم افتتاح المطار الجديد، وقلنا وقتها فيما معناه: مهما كان المطار حديثا ومتطورا وفخما، فالأهم هو من سيدير المطار، فلن نستطيع أن ندير المطار الجديد بالعقلية نفسها التي أدارت المطار القديم الذي كان عليه العديد من الشكاوى من المسافرين حتى لو طورت المباني، فالمهم البشر قبل الحجر.

لن أدخل في المشاكل التي حدثت للمطار الجديد بعد بدء التشغيل، ولن أعيد ما كتبته سابقا، لكن ما يهم حاليا الأخبار التي خرجت حول أن الخطوط السعودية ستنتقل كليا خلال السنوات القادمة إلى جدة، وأن خطوط طيران الرياض الجديدة ستجعل مدينة الرياض مركزها الرئيسي!.

من باب الصراحة، فنحن مع المنافسة أو التكامل أو سمها ما شئت بين الشركتين، لأنه غالبا الخياران أفضل من خيار واحد، وهذا غير طبعا الخطوط الأخرى مثل ناس وغيرها، وعادة التنافس أو التكامل يخلق خدمات أفضل ويطور الخدمة.

طبعا الموقع الجغرافي الإستراتيجي للمملكة يؤهلها بقوة أن تكون مركزا عالميا لرحلات الطيران والسياحة والترانزيت، وصناعة الطيران أصبحت ذراعا اقتصادية وإعلامية، وقوة ناعمة لا يستهان بها، وسيكون هذا تكاملا للأذرعة الأخرى التي طورتها ونشطتها الرؤية مثل السياحة والتسوق والخدمات.. إلخ، وكذلك تخدمنا كمسافرين (تقدم خدمة ممتازة بأسعار تناسب مستوى الخدمة)، ولو تركز في الجملة السابقة لم أقل «خدمة ممتازة بأسعار رخيصة»، حيث

سأتكلم من خلال مفهوم بسيط كمسافر، ومن خلال عملي وانتقالاتي بين قارات العالم، وأستطيع القول إنه ربما أسافر إلى حد ما أكثر قليلا من المسافر العادي، وجربت الكثير من خطوط الطيران وخدماتها من مختلف الدول والشركات، والحق يقال أنا عادة ما استخدم شركة طيران معينة، لأني أرتاح عليها منذ سنوات طويلة، وشبكتها منتشرة حول العالم، وربما الخدمة هي ما يجذبك في المقام الأول، والخدمة عادة تكون من خلال السيستم والبشر.

لست أقول إنها أرخص الخيارات، بل هناك خيارات كثيرة أرخص، ولكن الموضوع ربما خدمة وتعود، ولست أقول إن السعر ليس مهما للمسافرين، بل أعتقد أن سعر التذكرة واحد من أهم عوامل اختيار شركة الطيران، لكن ليس هو كل شيء.

أعتقد أن المسافر الآن بدأ يوازن بين عاملين: مستوى الخدمة والأسعار، فلا تتوقع أن تجد مستوى متدنيا وأيضا أسعارا عالية، والعكس صحيح. لذلك، أتوقع أن المسافر الدولي سيختار خطوط الطيران ذات الخدمة المعقولة والسعر المناسب، وهذا يرجعنا إلى وجود شركتين طيران نتمنى أن يكونا عالميتين وعلامات فارقة في الطيران العالمي. لذا يجب التركيز على العامل البشري والخدمة، وأيضا العقلية التي ستدار بها الشركات، حيث من المهم أن تكون متطورة ومتقبلة للتحديث والتكيف مع المستقبل (التكيف مع المستقبل!).

شيء جيد أن تحضر أحدث الطائرات، وتمتلك أكثر الأساطيل تقدما، ولكن الأهم هم البشر، ومن يدير هذه الخدمة، فتجربة المسافر معك أدق التفاصيل ستجعله مسافرا دائما ووفيا لشركتك، وهذا سينعكس حتما على الأنشطة الأخرى المرتبطة بها، والعملية تكاملية حتى من قبل الحجز الإلكتروني أو ركوب الطائرة أو حتى قبل المطار، بل من باب بيته مغادرا إلى باب بيته رجوعا، فالجودة وأعلى المعايير في كل التفاصيل يجب أن تكون قاعدة لا حياد عنها في إستراتيجيات شركة الطيران.

رجوع الخطوط السعودية لشعارها القديم أثار تساؤلات كثيرة في وسائل التواصل الاجتماعي بين مؤيد وغير مؤيد، لكن ماذا توحي هذه الخطوة؟ لا نعلم، هل هو حنين للماضي ونجاحات السعودية قبل عقود أم هو أصالة أم هو مواكبة للمستقبل؟.

نتمنى التوفيق لكلتي الشركتين، ونذكرهما قبل الختام أن البشر أهم الحجر والمعدن!.